يبقي البر التقي وقد يقيه الآفات والبلايا وهو غافل لا يذكره، فضلًا عن أن يدعوه، كما يقيها الناسك الذي يسأله، وربما شغلته العبادة عن المسألة» (١).
بل من عظيم حلمه- جل في علاه- أن يعصي العاصي فيحلم به فيستره، ولا يفضحه، ويقيض له الأسباب لستره، ويكره منه أن يذيع معصيته ويشهر بها، حتى قال ﷺ:«كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ الْمَجَانَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللهُ، فَيَقُولَ: يَا فُلَانُ، عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللهِ عَنْهُ»(٢).
ومن عظيم حلمه به: أن أمر عباده بستره وعدم فضحه، ورتب على ذلك الثواب العظيم، فعن أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ قال:«وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»(٣).
وهو الحليم الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض، وأمسكهما من أن تزولا من كثرة ذنوب بني آدم، قال تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (٤١)﴾ [فاطر: ٤١].
(١) المنهاج في شعب الإيمان (١/ ٢٠٠ - ٢٠١). (٢) أخرجه البخاري، رقم الحديث: (٦٠٦٩)، ومسلم، رقم الحديث: (٢٩٩٠). (٣) أخرجه البخاري، رقم الحديث: (٢٤٤٢).