لا حاجة منه إليهم، ونهاهم عما نهاهم عنه حماية وصيانة لهم لا بخلًا منه عليهم، وخاطبهم بألطف الخطاب وأحلاه، ونصحهم بأحسن النصائح، ووصاهم بأكمل الوصايا، وأمرهم بأشرف الخصال ونهاهم عن أقبح الأقوال والأعمال … وصرف لهم الآيات، وضرب لهم الأمثال، ووسع لهم طرق العلم به ومعرفته، وفتح لهم أبواب الهداية، وعرفهم الأسباب التي تدنيهم من رضاه وتبعدهم عن غضبه» (١).
وقد ذكَّر رسول الله ﷺ الأنصار بهذه المنَّة العظيمة، فقال:«يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلَّالًا فَهَدَاكُمُ اللهُ بِي، وَكُنْتُمْ مُتَفَرِّقِينَ فَأَلَّفَكُمُ اللهُ بِي، وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمُ اللهُ بِي؟ كُلَّمَا قَالَ شَيْئًا قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ»(٢).
قال ابن حجر ﵀ في الفتح-: «وقد رتَّب ﷺ ما مَنَّ الله عليهم على يده من النعم ترتيبًا بالغًا، فبدأ بنعمة الإيمان- التي لا يوازيها شيء من أمر الدنيا- وثَنَّى بنعمة الأُلفة، وهي أعظم من نعمة المال؛ لأن
(١) طريق الهجرتين وباب السعادتين، لابن القيم (ص: ١٣٢). (٢) أخرجه البخاري، رقم الحديث: (٤٣٣٠)، ومسلم، رقم الحديث: (١٠٦١).