وهذا كله دال على فضله وعظيم شأنه؛ فإن الله ﷿ عظيم ولا يأمر إلا بعظيم، فإذا أمر بالشيء مرة واحدة كان عظيمًا، فكيف إذا كرره وأبداه وأعاده!!.
أن الله ﷿ أمر به في كل شيء، كما قال ﷺ:«إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ»(١).
قال ابن رجب ﵀:«وهذا الحديث يدل على وجوب الإحسان في كل شيء من الأعمال، لكن إحسان كل شيء بحسبه، فالإحسان في الإتيان بالواجبات الظاهرة والباطنة: الإتيان بها على وجه كمال واجباتها، فهذا القدر من الإحسان فيها واجب، وأما الإحسان فيها بإكمال مستحباتها فليس بواجب.
والإحسان في ترك الحرمات: الانتهاء عنها، وترك ظاهرها وباطنها، كما قال تَعَالَى: ﴿وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ﴾ [الأنعام: ١٢٠][الأنعام: ١٢٠]، فهذا القدر من الإحسان فيها واجب» (٢).
أن الله ﷿ جعل امتحان العباد على حسن العمل، فقال: ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ [هود: ٧]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ﴾ [الملك: ٢].
أن الله ﷿ جعل هداية كتابه ورحمته وبشارته لأهل الإحسان، فقال: ﴿تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (٢) هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ﴾ [لقمان: ٢ - ٣]،
(١) أخرجه مسلم، رقم الحديث: (١٩٥٥). (٢) جامع العلوم والحكم (١/ ٣٨١).