فلا معنى لمنع فضل الله وإحسانه والبخل بإنفاقه، يقول تَعَالَى: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ [آل عمران: ١٨٠]، ويقول سُبْحَانَهُ: ﴿آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ﴾ [الحديد: ٧] ثم إن هذا الإحسان من الله ﷿ بالمال موجب للإحسان إلى خلقه، كما قال سُبْحَانَهُ حكاية عن قول الناصحين لقارون: ﴿وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ﴾ [القصص: ٧٧].
ولا معنى- أيضًا- للبخل بشيء زائل منتقل عنه إلى غيره، قال تَعَالَى: ﴿وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [الحديد: ١٠]، فلا يبقى له منه إلا ما أنفقه في سبيل الله، كما جاء في الحديث عن مطرف، عن أبيه أنه أتى النبي ﷺ وهو يقرأ: ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ﴾ [التكاثر: ١]، قال:«يَقُولُ ابْنُ آدَمَ: مَالِي مَالِي، قَالَ: وَهَلْ لَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مِنْ مَالِكَ إِلَّا مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ، أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ، أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ؟»(١)، وعن أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: «يَقُولُ الْعَبْدُ: مَالِي مَالِي، إِنَّمَا لَهُ مِنْ مَالِهِ ثَلَاثٌ: مَا أَكَلَ فَأَفْنَى، أَوْ لَبِسَ فَأَبْلَى، أَوْ أَعْطَى فَاقْتَنَى (٢)، وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ ذَاهِبٌ وَتَارِكُهُ لِلنَّاسِ» (٣).
(١) أخرجه مسلم، رقم الحديث: (٢٩٥٨). (٢) قال النووي ﵀: «ومعناها: ادخره لآخرته، أي: ادخر ثوابه». شرح النووي على مسلم (١٨/ ٩٤). (٣) سبق تخريجه.