ثم رأيتُ في "الأم"(٢) بعد ذلك: قال الشافعي: ورُوِيَ أنه ﷺ قال: "تولَّى الله منكم السَّرائرَ ودَرَأَ عنكم (٣) بالبيِّنات".
وكذا قال ابنُ عبدِ البَرِّ في "التمهيد"(٤): أجمعوا أنَّ أحكامَ الدنيا على الظاهر، وأنَّ أمرَ السرائرِ إلى الله.
وأغربَ إسماعيلُ بن عليِّ بن إبراهيمَ بن أبي القاسم الجَنْزَوي (٥) في كتابه "إدارة الأحكام"، فقال -فيما نَقَلَ عن مُغُلْطَاي مما وقَفَ عليه-: إنَّ هذا الحديثَ ورَدَ في قِصةِ الكِنديِّ والحضرمي اللذين اختصما في الأرض، فقال المقضيُّ عليه: قضيتَ عليَّ والحقُّ لي؟! فقال النبي ﷺ:"إنما أقضي بالظاهر، والله يتولى السرائر".
قال شيخُنا: ولم أقِفْ على هذا الكتابِ، ولا أدري أساقَ له إسماعيلُ المَذكورُ إسنادًا أمْ لا؟
قلت: وسيأتي في "المسلمون عُدولٌ"(٦) مِنْ قولِ عُمرَ: "إنَّ الله تعالى تولَّى عنكم السَّرائرَ ودَفْعَ عنكم بالبيِّناتِ"(٧).
(١) "الشرح الكبير" (كتاب أدب القضاة ١٢/ ٤٨٢). (٢) "الأم" (الحدود وصفة النفي ٧/ ٤١٦). (٣) في الأصل و"ز": (عليكم)، والتصويب من "م" و"د" و"الأم". (٤) "التمهيد" (١٠/ ١٥٧). (٥) أبو الفضل إسماعيل بن علي بن إبراهيم بن أبي القاسم الجَنْزَوي الأصل، الدمشقي، ويقال فيه: الجَنْزي والكَنْجي، كان من كبار الشهود والمحدثين، مات في سلخ جمادى الأولى سنة ثمان وثمانين وخمس مئة، وله تسعون عامًا وشهران. "سير أعلام النبلاء" (٢١/ ٢٣٤ - ٢٣٥). (٦) حديث "المسلمون عدول" سيأتي في الأصل. (٧) رواه الدارقطني في سننه (٥/ ٣٦٧ رقم ٤٤٧١) من طريق عبيد الله بن أبي حميد، عن أبي المَليح الهذلي قال: كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري. . . به فذكره. وعبيد الله بن أبي حميد أبو الخطاب؛ قال أحمد: ترك الناس حديثه، وقال أبو حاتم: منكر الحديث ضعيف الحديث. "الجرح والتعديل" (٥/ ٣١٢ رقم ١٤٨٧). =