الآية يُبيحُ الأكل بعد ذلك فيها، والدليل: ما رواه الدَّارَقُطنِيّ (١) أنّ عمر بن الخطّاب توضَّأَ من جَرَّةِ نصرانيّة، وصحّحه الدَّارَقُطنِيّ.
وقال الإمامُ الزاهدُ أبو الفَتح نَصْر بن إبراهيم النّابُلْسِي في ذلك كلامَا لُبَابُه: إنَّ الله قد أَذِنَ في طعامهم، وقد عَلِم أنّهم يسمون غيره على ذبائحهم، ولكنّهم لما تمسَّكوا بكتابٍ، وتعلَّقوا بدليلٍ، جُعِلَت لهم حرمة على أهل الأنصاب.
وقد قال مالك - رحمه الله -: تُؤْكَل ذبائحهم المُطلَقة، إِلَّا ما ذبحوا يوم عِيدِهم ولأنصابهم (٢).
وقال جماعة العلماء: تُؤكلُ ذبائحهُم وإِنْ ذكروا عليها اسم المسيح.
قال: وأمّا ما ذُبِحَ للكنائس، فقد سُئِلَ أبو الدَّرْدَاء عما يُذبَحُ لكَنِيسَةٍ يقالُ لها سَرْجِس، فأمر بأكله، وكذلك قال عُبَادَة بن الصَّامت (٣).
وقال الشّعبيّ (٤) وعطاء: تُؤكَلُ ذبائحُهُم وإن ذُكِرَ عليها غيرُ اللهِ.
(١) في سننه (٦٣) [ط. الرسالة] والحُقُّ والحُقّة، وعاء من خشب أو زجاج. والحديث أخرجه ابن المنذر في الأوسط: ١/ ٣١٤، والبيهقي في السنن (١٢٧) من حديث زيد بن أسلم عن أبيه، وانظر فتح الباري: ١/ ٢٩٩. (٢) الّذي في العتبية: ٣/ ٢٧٢ من قول مالك: "ما ذبحَ أهل الكتاب لأعيادهم وكنائسهم وأعدّوه، فلا أحب أكله، ولست أراه حرامًا". (٣) أورده ابن عبد البرّ في الاستذكار: ١٥/ ٢٤٠. (٤) قول الشّعبيّ رواه عبد الرزّاق (٨٥٧٥).