"رَأَى عثمانَ بالعَرْجِ يُغَطِّي وَجْهَهُ وهو مُحْرِمٌ"(٢) يحتمل أنّ يكون فعلَ ذلك لأنّه رآه مباحًا، وقد منعه (٣) ابن عمر وغيره فقالوا: لا يجوز للمُحْرِمِ تغطية وجهه، وإلى ذلك ذهب مالك (٤)، وإنّما ذَكَر فعلَ عثمان * وذَكَرَ الخلافَ عليه ليكون للمجتهد طريقٌ إلى الاجتهاد بظهور (٥) الاختلاف عليه (٦). وقال ابن القصّار (٧): إنّما (٨) ذلك معمروه ليس بحرام (٩).
وحَكى عبد الوهّاب (١٠) لمتأخِّري أصحابنا قولين: الكراهية والتّحريم.
وقال أبو حنيفة: تعلّق الإحرام بالوجه كتعلُّقِه بالرَّأس (١١).
وقال الشّافعيّ: لا تعلُّق له بالوجه (١٢).
والدليل على ما نقوله: ما رَوَى ابن عبَّاس عن النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - أنّه قال في الرَّجُل الّذي وَقَصَت به دابّته وهو مُحْرِمٌ: "اغْسِلُوه بِمَاءٍ وسِدْرٍ، وكفِّنوه في ثيابه ولا تخمِّروا وَجْهَهُ
(١) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٢/ ١٩٩. (٢) رواه مالك في الموطَّأ (٩١٤) رواية يحيى عن يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمّد؛ أنّه قال: أخبرني القُرَافِصَة بن عُمَيْر الحنفىّ؛ أنّه رأى ... الأثر. (٣) في المنتقى: "خالفه". (٤) في المدونة: ١/ ٣٤٤، وانظر النوادر والزيادات: ٢/ ٣٤٨. (٥) جـ: "لظهور" والمثبت من المنتقى. (٦) في المنتقى: "بظهور الخلاف إليه ووقوفه عليه" وهي سديدة. (٧) كما في عيون المجالس: ٢/ ٨٠٢. (٨) ما بين النجمتين ساقط من النّسختين، وأضيف في هامش جـ. (٩) عبارة القاضي عبد الوهّاب كما في العيون: "فإن فعل فقد أساء ولا فدية عليه". (١٠) في المعونة: ١/ ٣٣٥ (ط. الشّافعيّ)، والإشراف: ١/ ٢٢٥. (١١) انظر المبسوط: ٤/ ١٢٨. (١٢) انظر الأم: ٣/ ٣٧٠ (ط. فوزي).