قال الإمام: أدخل مالك في هذا الباب حديث عمر بن الخطاب (١)، وهو صحيحٌ.
المعاني (٢):
الأصل في هذا قولُه:{وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}(٣) يريدُ: زَادَ الآخرةِ. والتّقوى اسمٌ جامعٌ لطاعةِ الله، والعمل بها فيما أمَرَ به ونَهَى عنه، فإذا انتهى المؤمنُ عمّا نهاهُ اللهُ، وعمِلَ بما أمَرَه الله، فقد أطاع الله واتّقاهُ {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} الآية (٤). والتقوى اسمٌ جامعٌ لخشية الله، لقوله {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}(٥).
وقالت الصّوفية: التّقوى هو أن يتّخذ العبدُ الطّاعةَ وقاية من عذاب اللهِ (٦).
وقوله:"بَخٍ بَخٍ (٧) أَمير المؤمنين" فهو توبيخٌ منه لنفسه، وتوبيخُ النَّفْسِ وتقريعُها عبادةٌ، كما أنّ الرِّضَى عنها هَلَكَةٌ.
القولُ إذا سَمِعْتَ الرّعدَ
قال الإمام: أدخل مالك في هذا الباب كيفيّة الدّعاء عند الرّعد، وما يقوله الرّجلُ، وهو حَسَنٌ جدًّا، من أحسن ما رُوِي فيه قولُه (٨): سبحانَ الذي يُسَبَّحُ الرَّعدُ بحَمْدِهِ
(١) هو في الموطّأ (٢٧٣٧) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (٢٠٩٥)، وسويد (٧٧٨). (٢) ما عدا قول الصوفية، مقتبس من الاستذكار: ٢٧/ ٣٧٨ - ٣٧٩. (٣) البقرة: ١٩٧. (٤) الطّلاق: ٢. (٥) فاطر: ٢٨. (٦) انظر تعريف التقوى عند أهل التربية والسلوك في كتاب الإبانة عن طرق القاصدين والكشف عن مناهج السالكين لابن فُورَك: اللوحة ١٧/ ب، والرسالة القشيرية: ١٠٤ - ١٠٩ (طـ. دار الجيل). (٧) يقول اليفرني في الاقتضاب في غريب الموطأ: ١١٣/ ب [٢/ ٥٢٩] "بَخٍ بَخٍ: كلمة تقال عند استعظام الشيء والتّعجُّب منه، وفيها لغتان: بَخْ بَخْ، بتسكين الخاء فيهما جميعًا، وبَخٍ بَخْ بكسر الخاء الأولى وتنوينها، وتسكين الثانية للوَقْفِ، فإذا وصَلْت الثانيةَ بكلامٍ كسرتَها ونَوَّنتَها فقلتَ: بخٍ بَخٍ يا هذا، وتنوينُها عد النحويين علامةٌ لتنكيرها، وتسكينها علامةٌ لتعريفها". (٨) في الموطّأ (٢٨٣٩) رواية يحيى، عن مالك، عن عامر بن عبد الله بن الزّبير. ورواه عن مالك: أبو مصعب (٢٠٩٤)، وسويد (٧٧٧) عن عامر بن عبد الله، عن عبد الله بن الزبير.