قال الإمام: فيه حديث أمّ سلمة (١) أَنَّهَا قَالت - حِينَ ذُكِرَ الإِزارُ: فالمَرأَةُ يَا رسُولَ اللهِ؟ قالَ:"تُرخيه شِبرًا". قَالت أمُّ سَلَمةَ: إذا أنكَشَفَ عَنهَا؟ قالَ:"فَذراعًا لَا تزِيدُ عَلَيهِ".
الإسناد (٢):
قال الإمام: عجبتُ منِ ابنِ وضَّاحِ، كان يقول:"لَا تَزِيدُ عَليه" ليس من كلام النّبيّ عليه السّلام، وقد رُوِّينا هذا الحديث من وجوهٍ كثيرةٍ (٣)، فيها كلّها عن النّبيِّ -عليه السّلام-: "فَذرَاعًا لَا تَزيدُ عَلَيهِ" وفي الحديث إطالة الذّيول للنّساء، وقد أخذه الشَّاعر (٤)، فقال:
وقد رُوِيَ أنّ أوَّلَ من جَرت ذيلَها هاجَر أم إسماعيل -عليه السّلام-.
وقد رُوِيَ عن ابن عبّاس مُسْنَدًا (٥) قال: "أوَّلُ امرأةٍ جرَّتْ ذيلَها أمُّ إسماعيل عليه السّلام، لمَّا قَرُبَت من سَارَة أَرخَت ذيلَهَا لِتُخفِي أَثَرَها. قال: وَمن هنا أَخَذَت نِسَاءُ العَرَبِ جَرَّ الذُّيُولِ".
قال ابنُ عبّاس:"أوَّلُ من سَعَى بينَ الصَّفَا والمَروَة أُمُّ إسماعيل"(٦).
الأصول (٧):
قول النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -: "فَذِرَاعًا لا تَزِيدُ عَليهِ" وهذا يقتضي أنّ النّبيّ -عليه السّلام- إنّما أباح
(١) في الموطَّأ (٢٦٥٨) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (١٩١٧)، وسويد (٦٩١)، وابن القاسم (٥٢٣)، والقعنبيّ عند الجوهري (٨٤٣). (٢) كلامه في الإسناد مقتبس من الاستذكار: ٢٦/ ١٩١ - ١٩٣. (٣) انظر التمهيد: ٢٤/ ١٤٨. (٤) هو عمر بن أبي ربيعة، انظر: الكامل للمبرد ٣/ ١١٧١. ونُسِبَ البيتُ لعبد الرّحمن بن حسّان بن ثابت في التمهيد ٢٤/ ١٤٩ والاستذكار، ولا يوجد في ديوانه. (٥) ذكره سنيد بسنده، نصّ على ذلك ابن عبد البرّ في الاستذكار، وأخرجه ابن أبي شيبة: ٧/ ٢٤٩ (٣٥٧٦٢، ط. الحوت). (٦) أخرجه الفاكهي في أخبار مكّة: ٢/ ٢١٠ (١٣٧١)، وابن أبي شيبة: ٧/ ٢٤٩ (٣٥٧٦٢، ط. الحوت) وانظر العلّل لابن حنبل: ٢/ ٣٦٦. (٧) كلامه في الأصول مقتبس من المنتقى: ٧/ ٢٢٧.