قال الله تعالى:{وَلَكُمْ في الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}(٢).
قال الإمام: اعلموا أنّ مالكًا - رحمه الله - أَطنَبَ في "الموطَّأ" في القَسَامَةِ والدِّيَةِ، واختصرَ القول في القِصَاصِ؛ لأنَّه اعتمدَ بيانَ الإشكالِ، وَوَكَلَ الأَوضَحَ إلى معرفةِ النّاسِ، قال الله تعالى:{وَلَكُمْ في الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ}(٣).
وقد كانتِ العربُ تقولُ: القتلُ أَنْفَى للقَتلِ؛ لأنّها لم تكن تأخذُ حقَّها بعَدْلٍ، وإنَّما كانت تستَوْفِيه بِرِبًا، وأعظمُ ما يكون الرِّبا في الدِّماء، فشرعَ اللهُ تعالى استيفاءَ الحقِّ في القتل بالمساواة، فقال تعالى:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ}(٤) يعني المساواةُ في القتلِ.
تَوْفِية (٥):
قال الطّبريُّ (٦) في قوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ} الآية (٧)، قال: نزلت فيمن كان من العرب لا يرضَى أنّ يأخذ بعَبْدٍ إِلَّا حرًّا، أو بوضِيعٍ إِلَّا شريفًا، أو بامرأة إِلَّا رجلًا (٨)، ويقولون: أنفى للقتل، فردّهم اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إلى القصاص، وهي المساواةُ مع استيفاءِ
(١) انظرها في القبس: ٣/ ٩٨٣. (٢) البقرة: ١٧٩، وانظر أحكام القرآن: ١/ ٦٠. (٣) البقرة: ١٧٩. (٤) البقرة: ١٧٨. (٥) انظرها في الأحكام: ١/ ٦١. (٦) في تفسيره: ٢/ ١٠٣. (٧) البقرة: ١٧٨. (٨) انظر أسباب النزول للواحدي: ٤٤.