قوله:"مَنْ أَكَلَ من هذه الشَّجَرَةِ" قال علماؤنا (٢): هذا الكلام منه - صلّى الله عليه وسلم - لا يقتضي إباحةً ولا حَظرًا، وقد رُوِيَ مثل ذلك في الحَظرِ، كقوله:"مَنْ غَشَّنا فَلَيسَ مِنَّا"(٣)، ومِثلُه في الإباحة كقوله:"مَنْ دخلَ دارَ أبي سفيان فهو آمِنٌ"(٤) وإنّما ذلك شرطٌ يتنوّعُ جوابُه (٥).
الفائدة الثّانية (٦):
قوله:"فلا يَقْرَب مساجدَنا" مَنع لمن أكلَ هذه الشّجرة، وقد بيَّنَ ذلك بقوله:"يُؤذِينَا بريحِ الثُّومِ".
وقال بعضُ العلماءِ: إنّما خرجَ النَّهْيُ من النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - على مسجدِه من أجلِ جبريلَ ونزوله فيه على النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -.
وقال آخَرونَ -وهم الأكثرونَ -: إنّ مسجدَ النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - وسائرَ المساجدِ في ذلك سواءٌ، وملائكة الوحيِ وغيرها في ذلك سواء؛ لأنّه قد أخبرَ أنّه يتأذَّى منه ابن آدم.
الفائدة الثّالثة (٧):
في هذا الحديث من الفقه: إباحة أكل الثُّوم. لأنّ قولَه:"مَنْ أَكَلَ" لفظ إباحة لغيره؛ لأنّ رسولَ الله - صلّى الله عليه وسلم - إنَّما مُنِعَ من أكل الثّوم والبصل والكُرَّاثِ لعلَّةٍ ليست موجودة في غيره، فصارَ ذلك خصوصًا له.
(١) هذه الفائدة مقتبسة من المنتقى: ١/ ٣٢ بتصرف يسير. (٢) المقصود هو الإمام الباجي. (٣) رواه مسلم (١٠١) من حديث أبي هريرة. (٤) أخرجه مسلم (١٧٨٠) من حديث أبي هريرة مطوّلًا. (٥) الّذي في المنتقى: "وإنّما ذلك شرطٌ بتنوّع معناه بتنوع جوابه". (٦) ما عدا الفقرة الأولى مقتبس من التمهيد: ٦/ ٤١٤. (٧) أغلب ما في هذه الفائدة مستفادٌ من الاستذكار: ١/ ١٥٢ - ١٥٣.