قال الإمام الحافظ (٢): البابُ يقتضي القولَ في القُبلَة وسائرِ المُلامسةِ، وفيها معانٍ ومسائلُ جَمَّة:
١ - أحدُها: هل الملامسةُ الجماعُ، أو ما دونَ الجماعِ ممّا يُجانِسُه مثل القُبلةِ وشبهِها؟
٢ - ثمّ هل اللَّمسُ باليدِ خاصةً أو بسائرِ البدنِ؟
٣ - وهل اللَّذَّة من شرطها أم لا؟
وكلّ ذلك قد تنازع فيه العلماء.
كشف وإيضاحٌ في قوله تعالى:{أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ}(٣):
قال علماؤنا (٤): والملامسة تنقسم على أقسام:
الأوّل منها: الملامسة بمعنَى الطَّلَب
قال الله تعالى:{وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا}(٥) أي طلبنا السّماء وأردناها، فوجدناها ملئت حَرَسًا أي حفَظَة يحفظونها. ومنه أيضًا: قولُه عليه السّلام للّذي أراد أنّ ينكح المرأة الموهوبة: "هَلْ معكَ من شيءٍ تُصْدِقُها"؟ قال: ما عندي إلَّا إزاري هذا، فقال النّبيّ -صلّى الله عليه وسلم-: "التَمس شَيئًا"، أي اطلب، فقال: ما أَجِدُ شيئًا، فقال له:"التَمس وَلَو خَاتمًا من حديدٍ"، فالتمس فلم يجد شَيئًا (٦).
(١) في الموطَّأ (١٠٦) رواية يحيى. (٢) الكلام التالي مقتبس من الاستذكار: ١/ ٣١٨ (ط. القاهرة). (٣) النساء: ٤٣، وانظر أحكام القرآن: ١/ ٤٤٣. (٤) بقصد الإمام ابن رشد، والفقرتان التاليتان اقتبسهما المؤلِّف من المقدِّمات الممهِّدات: ١/ ٩٥ - ٩٦. (٥) الجنّ:٨. (٦) أخرجه مالكٌ في الموطَّأ (١٤٩٨) رواية يحيى.