قولُه (٢): "إِذَا ذُكِرَ اسمُ الله تَعَالَى عَلَى إِرْسَالِهَا" ظاهرُ هذا اللَّفظ يقتضي أنّ التَّسميةَ شرطٌ في صِحَّة الاصْطِياد، كما هي شرطٌ في صحَّةِ الذّكاة، وقد قال ابنُ القاسِم في "المُدَوَنَة"(٣): "مَنْ تَرَكَ التَّسْميةَ في الصَّيد عَامِدًا لَمْ يُؤكَل صَيدُهُ" ويجري هاهنا من الخلاف في التّسمية ما تقدّم في الذّبيحة، والذي يختصُّ بهذا الباب قولُه تعالى:{وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ} فأمرَ بذكر اللهِ، والأمز يقتضِي الوُجُوبَ.
مسألة (٤):
ويلزم الصائدَ التَّسميةُ حين الإرسال، على ما قال مالك في "الموطَّأ"(٥).
وأمّا المجنون والسَّكرانُ، فإنّه لا يؤكل صَيْدهما ولا ذبيحتهما، رواه ابنُ الموّاز عن مالك؛ لأنّ الصَّيدَ يحتاجُ إلى نِيَّةٍ.
[باب ما جاء في صيد البحر]
قال الله تعالى:{أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ}(٦) فحمل (٧) الصَّيد على ما صِيدَ منه لامتناعه، والطَّعام على ما يُتَنَاوَل دونَ تصيّد، وذلك لا يكون إِلَّا في الطَّافي، وهو في الغالِب لا يُعلَم سبب موتِهِ * ولا أنّه مات بسببٍ، فلما استوى عنده ذلك في الإباحة، إمّا لعمومَ الآية أو لغيرها من الأدلّة، رجع عن المنع منه إلى إباحته*
(١) هذه المسألة مقتبسة من المنتقي: ٣/ ١٢٦. (٢) أي قول مالك في الموطَّأ: ٢/ ٤٩٣ الّذي سمع فيه بعض أهل العلم يقولون ذلك. (٣) ١/ ٤١١ في كتاب الصَّيد بنحوه، وانظر المعونة: ٢/ ٦٨٩. (٤) هذه المسألة مقتبسة من المنتقي: ٣/ ١٢٦ - ١٢٨. (٥) الأثر (١٤٢٣) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (٢١٤٥)، وعلي بن زياد (١٣٢). (٦) المائدة: ٩٦، وانظر أحكام القرآن: ٢/ ٦٨٣. (٧) من هاهنا إلى آخر الفقرة مقتبس من المنتقى: ٣/ ١٢٨، وانظر الباقي في القبس: ٢/ ٣٦٣ - ٦٣٧.