الإمام الحافظ (١): والأصولُ الّتي تَرُدُّ هذا الحديث، منها حديثُ نافعٍ، عن ابنِ عمرَ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ أنَّه قال:"من فَاتَتْهُ صَلاةُ العَصْرِ فكأنما وُتِرَ أهلَهُ وَمَالَهُ"(٢)، فلم يقع المثل ههنا والتّشبيه "إلَّا لمن فاته وقت الصّلاة كلّه، بدليل قوله: "مَنْ أَدْرَكَ رَكعَةً من العصرِ" (٣) وبدليل قوله- حين صلَّى في طرفَي الوقتْ -: "ما بَينَ هذيْنِ وقّتٌ" (٤). وقد حَكَى ابنُ القاسم عن مالكٌ أنّه لم يُعجِبه هذا الحديث (٥).
قال القاضي أبو الوليد الباجي (٦): "قوله "إِنَّ الْمُصَلِّيَ لَيُصَلِّي الصَّلاةَ" قال مالكٌ: لايُعْجِبُنِي ذلكَ، ويصلِّي الناسُ في أوّله وَوَسَطِه، وكَرِهَ التّضييقَ في ذلكَ".
تنببهٌ على مقصدٍ:
قال (٧):؛ وكراهيةُ مالكٍ (٨) لهذا الحديثِ: أنّ ظاهرَهُ يعارضُ الحديثَ الّذي لا خلافَ في صِحَّتِه، من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الذِي تَفُوتُهُ صلاة الْعَصْرِ." الحديث"(٩).
(١) هذه الفقرة مقتبسة من الاستذكار: ١/ ٩٠ (ط. القاهرة). (٢) أخرجه مالكٌ في الموطأ (٢١) رواية يحيى. (٣) أخرجه البخاري (٥٧٩)، ومسلم (٦٠٨) من حديث أبي هريرة. (٤) أخرجه مالكٌ في الموطأ (٣) رواية يحيى. (٥) الّذي في الاستذكار: "لم يعجبه قول يحيى بن سعيد المذكور". (٦) في المنتقى: ١/ ٢٢. (٧) القائل هو الإمام الباجي. (٨) أي وجه كراهية مالكٌ. (٩) أخرجه مالكٌ في الموطأ (٢١) رواية يحيى.