وهو فرضٌ من فرائض الإسلام، وركن من أركانِه، قال تعالى:{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}(١).
وفرضه مرّة في العمر، وقد قال بعضُ النّاس - فيما أَمْلَى علينا الشّيخ الإمام أبو الحسن العبدري (٢) - قال بعض النّاس: يجبُ في كلِّ خمسة أعوامِ مرَّة، ورَوَى في ذلك حديثًا أَسْنَدَهُ إلى النّبي - صلّى الله عليه وسلم - (٣)، والحديث باطلٌ والإجماع صادٌّ في وجهه (٤)، وليس يجب غير مرَّة واحدة في العمر، وبه قال جماعة العلّماء.
وقالت جماعة منهم الشّافعيّ: إنّ العمرة واجبةٌ كوُجوبِ الحَجّ، واستدلَّ عليه قوله تعالى:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}(٥) ورُوِيَ في حديث جبريل -عليه السّلام-؛ أنّه قال: ما الإسلام؟ قال:"أنّ تعبد الله ولا تشرك به شيئًا، وأن تقيم الصّلاة، وتؤتي الزَّكاة، وتصوم رمضان، وتحجّ وتعتمر، وتغتسل من الجنابة"(٦). والصّحيح ما قلناه من الأَثَر والنَّظَرِ.
أمّا الأثر، فقوله تعالى:{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ}(٧) ولم يذكر العمرة، وقال النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم -: "بُنِيَ الإِسلامُ " على خمسٍ (٨) فذَكَرَ الحجّ خاصّة.
وقال النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - للأعرابى:"وحج البيت" قال: هل علي غيره؛ قال:"لا"(٩)، ولأنّ البيت سبب من أسباب العبادة، فلا يتعلَّق به وجوب شيء، كالزَّوالِ والغروب.
(١) آل عمران: ٩٧، وانظر القبس: ٢/ ٥٣٩ - ٥٤٢. (٢) من شيوخ المؤلِّف (ت.٥٣٥). (٣) أخرجه عبد الرزّاق (٨٨٢٦)، وأبو يعلى (١٠٣١) من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعًا. (٤) في القبس: "وجوههم". (٥) البقرة: ١٩٦. يقول الشّافعيّ في الأمّ: ٣/ ٣٢٦ [ط. رفعت فوزي] "والذي هو أشبه بظاهر القرآن ... أنّ تكون العمرة واجبة، فإن الله عَزَّ وَجَلَّ قرنها مع الحج". (٦) أخرجه الدارقطني: ٢/ ٢٨٢ من حديث عمر. (٧) آل عمران:٩٧. (٨) أخرجه البخاريّ (٨)؛ ومسلم (١٦) من حديث ابن عمر. (٩) أخرجه البخاريّ (٤٦)، ومسلم (١١) من حديث طلحة بن عبيد الله. (١٠) البقرة: ١٩٦.