ذكر فيه حديث أبي قتادة الأنصاري (١)؛ قال: يا رسولَ الله، إنَّ لي جُمَّةً، أَفَاُرَجِّلُهَا؟ فقال رسولُ الله:"نعم، وأكرِمْهَا"، فكان أبو قتادةَ ربّما دَهَنَها في اليوم مرَّتين، لقوله:"وَأَكرِمهَا".
قال الإمام: وفي بعض طُرُقهِ: "مَنْ كَانَ لَهُ شَعْرٌ فَليُكرِمْهُ"(٢) وفي طرقه: "أَكرِمُوا الشَّعَرَ"(٣).
الفوائد المطلقة فيه ثلاث:
الفائدةُ الأولى (٤):
قوله:"أَفَاُرَجِّلُهَا" يريد مشطها.
وقوله:"وَأَكرِمهَا" يريدُ إصلاحَها وتجميلَها بالدُّهن، وما يجري مجراه ممّا يحسن به الشَّعرُ، فيكون ذلك إكرامًا وصيانةً من الشَّعَث والدَّوابّ والوَسَخِ، ولذلك كان أبو قتادة يوالي دهنها وإصلاحها.
الثّانية (٥):
قال الإمامُ: ثمّ تعارضت هنا الأحاديث، فَرُوِيَ عنه - صلّى الله عليه وسلم - أنّه نَهَى عن التَّرَجُّلُ إِلَّا غِبًا (٦). والحديث الآخر: كان رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم -ينهانا عن الإِرفَاهِ: التَّرَجُّلُ كلَّ يومٍ (٧).
(١) في الموطَّأ (٢٧٣١) رواية يحيي، ورواه عن مالك: أبو مصعب (١٩٩٤)، وسُويد (٦٦١)، والقعنبي عند الجوهري (٨٢٨). (٢) أخرجه أبو داود (٤١٦٣ م) من طريق ابن وهب، وابن عبد البرّ في التمهيد: ١٠/ ٢٤. (٣) أخرجه ابن عدي في الكامل: ٣/ ٦، وابن عبد البرّ في التمهيد: ٢٤/ ١٠ من طريق خالد بن إلياس، عن هشام بن عروة عن عروة عن عائشة به، كما أخرجه البزار في مسند كما في مجمع الزوائد: ٥/ ١٦٤، وقال الهيثمي: "وفيه خالد بن إلياس وهو متروك". (٤) هذه الفائدةُ مقتبسة من المنتقى: ٧/ ٢٦٩. (٥) الففرات الأربع الأولى من هذا المسألة مقتبسة من الاستذكار: ٢٧/ ٧٧ - ٧٩. (٦) أخرجه: ٤/ ٨٦، وأبو داود (٤١٥٩) والترمذي (١٧٥٦) وابن حبّان (٥٤٨٤)، ويقول عنه الباجي في المنتقى: ٧/ ٢٦٩ "وهذا الحديث وإن كان رواته ثقات إِلَّا أنّه لا ثبت" قلنا: وهو صحيح لغيره. (٧) أخرجه الحارث بن أبي أسامة كلما في بغية الباحث (٥٦٩)، وأبو داود (٤١٥٧)، والنسائي في الكبرى (٩٣١٩)، وابن عبد البرّ في التمهيد: ٢٤/ ١١، والاستذكار: ٢٧/ ٧٨ - ٧٩، من حديث ابن بريدة.