وهل يدخل المجذومُ المسجدَ أم لا (١)؟ فقيل: يمنعُ من ذلك لتأذِّي النَّاس به وبرائحته ونفسه، ولا يُمنَعُ من غير ذلك، قاله مُطَرِّف وابن الماجشون.
باب السُّنَّة في الشِّعَرِ
عبدُ الله بن عمر؛ أنّ رسولَ الله - صلّى الله عليه وسلم - أَمَرَ بِإِحْفَاءِ الشَّوارِبِ وإِعْفَاءِ اللِّحَى (٢). قال الإمام: الحديثُ صحيحٌ.
الفقه والمعاني (٣):
قول رسول الله -عليه السّلام-: "احْفُوا الشَّوارِبَ "(٤) يقالُ أحفَى الرَّجُلُ شَاربَهُ إذا قَصَّهُ.
وهو عند أهل اللُّغة الاستئصالُ بالحَلقِ. والإعفاءُ: تَركُ الشَّعَرِ لا يَحْلِقُهُ.
وقد اختلف العلماء في حَلْق الشَّارب، فكان مالك يقول: السُّنَّةُ قَصُّ الشَّارب، وهو أخذُهُ من الأطار، وهو طَرَفُ الشَّفَةِ العلّيا (٥).
والحجّةُ لمالك؛ لأنّه تَعلّق بقوله:"خَمسٌ من الفِطرةِ"(٦) فذكر منها قصّ الشّارب. وتعلّق أيضًا بقوله في حديث زيد بن أرقم؛ أنّ رسولَ الله - صلّى الله عليه وسلم - قال:"مَنْ لَمْ يأخُذ من شَارِبِهِ فَلَيسَ مِنَّا"(٧) والشَّاربُ معروفٌ، وهو ما عليه الشَّعرُ من الشَّفَة العُليا تحت الأنف،
(١) انظر هذه المسألة في المنتقى: ٧/ ٢٦٦. (٢) أخرجه مالك في الموطَّأ (٢٧٢٥) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (١٩٩٠)، وسويد (٦٦٠)، والقعنبي عند الجوهري (٨٤٤)، وقتببة بن سعيد عند مسلم (٢٥٩)، ومَعْن عند التّرمذيّ (٢٧٦٤)، وروح بن عبادة عند ابن عبد البرّ في التمهيد: ٢٤/ ١٤٣. (٣) ما عدا السَّطر الأوّل المقتبسُ من المنتقى: ٧/ ٢٦٦، فالكل منقولٌ من الاستذكار: ٢٧/ ٦٠، ٦٢ - ٦٤. (٤) الحديث بهذا اللّفظ أخرجه البخاريّ (٥٨٩٢)، ومسلم (٢٥٩) عن ابن عمر. (٥) قال بنحوه في الموطَّأ: ٢/ ٥٠٧ ويقول ابن حببب في تفسير لغريب الموطَّأ: الورقة ١٧٤ [٢/ ١٩٥] "أمّا إحفاء الشّوارب فقصُّها حتّى تكشف عن الإطار، والإطارُ: تدوير الشّفة، وليس جزّها كما بفعل بعض العراقيين،، وانظر البيان والتحصيل: ٩/ ٣٧٣، والعتبة: ١٨/ ٢٣١. (٦) أخرجه مالك في الموطَّأ (٢٦٦٧) رواية يحيى. (٧) أخرجه ابن أبي شيبة (٢٥٤٩٣)، وأحمد: ٤/ ٣٦٦، ٣٦٨، وعبد بن حميد (٢٦٤)، والترمذي (٢٧٦١) وقال: "هذا حديث حَسَنٌ صحيحٌ، والنسائي: ١/ ١٥، ٨/ ١٢٩، وابن حبّان (٥٤٧٧).