قال الإمام: انفردَ عامر بن أُكَيمَةَ بهذا الحديث، وقال البخاريّ (١): "اسمه عُمَارة. وقيل اسمه عامر (٢) بن أُكَيمَةَ، وكنيته: أبو الوليد" والحديث عنه (٣) صحيحٌ ثابت، وبه قال مالك وأهل المدينة في ترك القراءة خَلْف الإمام فيما جَهَرَ فيه الإمام بالقراءة.
وخرّج التِّرمذِّي (٤)، عن عُبَادَة بن الصَّامِت، قال: صَلَّى رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - في الصُّبْحَ، فَثقلَت عليه القراءةُ، فلمَّا انْصَرَفَ قال:"إنِّي لأرَاكُم تَقْرَأُونَ القُرآنَ وراءَ إمَامِكُم؟ " قالوا: قلنا: يا رسولَ الله، إي والله، قال:"لا تفعلوا إلَّا بأمِّ القرآن؛ فإنه لا صلاةَ لِمَن لم يقرأْ بها" حديث حَسَنٌ في الباب (٥).
الأصول:
قولُه:"مَالِي أُنَازَعُ القُرْآنَ" يريد أنكم إذا جهرتم بالقراءة فقَرَأْتُم معي في الصّلاة، نَازَعْتُمُوني في قراءتي، إذ لا تنصتونَ، لقوله:{وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا}(٦). قيل: إنّها نزلت في الصّلاة، قيل: فانْتَهَى النَّاسُ عن القراءة.
قال الإمام (٧): وحديث عُبَادة مفسَّرٌ، والمُفَسَّرُ يقضِي على المُجْمَل.
واختلفوا في قوله:"إلَّا باُمِّ القُرآنِ"(٨) هل هو على العموم أو الخصوصِ؟.
فقالت طائفة: هو على العموم، ويجب على المرء في كلِّ ركعةٍ (٩) كان إمامًا أو مأمومًا (١٠).
(١) في تاريخه الكبير: ٦/ ٤٩٨، وقد روى له في جزء القراءة خلف الإمام (١٧٤). (٢) في تاريخ البخاريّ: "عمار" وقد أشار إلى هذا الاختلاف جمع من الحفاظ منهم المزي في تهذيب الكمال: ٢١/ ٢٢٩. (٣) جـ: "عنده" وفي هذه الحالة يرجع الضمير إلى البخاريّ. (٤) في جامعه الكبير (٣١١). (٥) هذا الحكم هو للإمام الترمذي. (٦) الأعراف: ٢٠٤. (٧) من هنا إلى آخر كلامه في الأصول مقتبس بتصرّف من شرح البخاريّ لابن بطّال: ١/ ٣٧٠ - ٣٧١. (٨) في شرح ابن بطّال بزيادة: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتجة الكتابِ". (٩) في شرح ابن بطّال بزيادة: "قراءة فاتحة الكتاب، صلاها مُنفَردًا"، (١٠) نصَّ ابن بطّال على أنّ هذا هو مذهب الأوزاعي والشّافعيّ وأبَي ثور.