قال. القاضي أبو الوليد (١): "وهذه علّةٌ لا طريقَ لنا نحن إلى معرِفَتها، فلا يلزمُنا العمل بها. وأبو حنيفةَ (٢) يقولُ: إنّ تأخيرَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - (٣) وأمرَهُ بالاقتيادِ إنّما كان لأنّه انتبهَ في حينِ طُلوع الشَّمسِ، ولا يجوزُ قضاءُ الفوائتِ في ذلك الوقتِ عنده.
قال الإمام (٤): وهذا الّذي ذهبَ إليه أبو حنيفةَ ليس بصحيح؛ لأنّ وقتَ طلوعِ الشّمسِ لا يكونُ لها ضوءٌ يضربُ شيئًا ممّا على وجهِ الأرضِ، وقد قال في حديث عِمْرَان بن حُصَينٍ (٥): "فما استَيْقَظنَا إلا لحرِّ الشَّمْسِ".
تفريع (٦):
قال (٧): ولم يَخْتَلِف أحدٌ من رُوَاةِ الأحاديثِ في نومِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، في الصَّحيحِ؛ أنّه - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا استيقظَ أَذَّنَ بالصّلاة وأقامَ لها، وفي ذلك اختلافٌ بينَ العلماءِ، وفي بعضِ طُرُقهِ: "أَذَّنَ وأَقَامَ" (٨)، أو:"أَذَّنَ" (٩)، واليقين في الأحاديثِ الصِّحاحِ أَوْلَى أنّ يُتَّبعَ من الشَّكِّ، كما أنّه لابدَّ من رَكْعتَي الفَجْر. لأنّ النّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلاَّهُما قبل صلاة الصُّبح (١٠)، فلا تلتَفِتُوا لروايةِ من قال بتَرْكِهِما.
(١) في المنتقى: ١/ ٢٨. (٢) انظر كتاب الأصل: ١/ ١٥٠، والمبسوط: ١/ ١٥٠. (٣) أي تأخيره - صلى الله عليه وسلم - الصلاة. (٤) الكلام موصول للأمام الباجي. (٥) الّذي رواه مسلم (٦٨٢)، ولفظه: "فما أيقَظَنَا إلَّا حَرُّ الشَّمْسِ" وهو كذلك في الاستذكار. (٦) انظره في القبس: ١/ ١٠٢. (٧) القائل هو الإمام ابن العربي. (٨) أخرجه من حديث ابن مسعود: أحمد: ١/ ٣٧٥، والترمذي (١٧٩) وقال: "ليس بإسناده بأس". والنسائي: ٢/ ١٧. (٩) كما في حديث أبي قتادة الّذي أخرجه البخاري (٣٩٥)، ومسلم (٦٨١). (١٠) كما في حديث أبي قتادة الّذي أخرجه مسلم (٦٨١).