فالأعمالُ للأعمال كالبنيان يشُدْ بعضه بعضًا. وتصديق ذلك في كتاب الله تعالى:{وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ ....} الآية (١). فنبّه - صلى الله عليه وسلم - على الذي تقدّم من قوله:"يَأخُذُهَا بِيمينِهِ"(٢) وتقع في كفّه، أن ذلك كله عبارة عن قبُولِه للعبد، وتضعيف الثّواب له فيه، إذ البارئ سبحانه يتعالى عن الجارحة، ويُقَدَّس عن ذلك.
وقوله في بعض طرقه (٣): "في كّفِّ الرَّحمنِ" وكفُّه بمعنى يمينُه (٤).
وقوله (٥): "فَيُرَبِّيَها لَهَ"(٦) يريد أن الله يُنمِّي الصَّدقة بتضعيف أجزائها، كما يُنَمِّي الإنسانُ الفُلُوِّ، وهو ولد أُنْثى الخيل من ذكَرِ الحمير (٧).
حديث:
قوله (٨): "أَعطُوا السَّائِلَ وإن جاءَ على فَرسٍ" هو حديثٌ صحيح من مراسل زيد بن أسلم، ولا خلاف في إرساله (٩).
وأدخل في الباب حديث قوله - صلى الله عليه وسلم -: "يا نساءَ المؤمناتِ، لا تَحقِرَنَّ إحداكُنَّ لجارَتِهَا ولو كُراعَ شاة مُحرَق"(١٠).
قال الإِمام: والحديث صحيح لا غُبَارَ عليه.
(١) الشورى: ٢٣. (٢) جزء من حديث أخرجه ابن أبي شيبة: ٣/ ١١٢، وأحمد: ٢/ ٢٦٨، ٤٧١، والترمذي (٦٦٢)، وفي العلل الكبير (١٨٤). (٣) في الموطأ (٢٨٤٤) رواية يحيي. (٤) هذا شرح مستفاد من المننقى: ٧/ ٣١٩، وانظر العارضة: ٣/ ١٦٥. (٥) هذه الفقرة مقتبسة من المنتقى: ٧/ ٣١٩. (٦) بزيادة "له" في موطّأ ابن بُكَير، كما في مُسْنَد الموطأ (٨٠٣)، والتمهيد: ٢٣/ ١٧٣. (٧) انظر الاقتضاب: ١١٣/ ب. (٨) في الموطأ (٢٨٤٦) رواية يحيى، ورراه عن مالك: أبو مصعب (٢١٠٢)، وسويد بن سعيد (٧٨٧). (٩) بقول ابن عبد البرّ في التمهيد: ٥/ ٢٩٤ "لا أعلم في إرسال هذا الحديث خلافًا بين رواة مالك، وليس في هذا اللّفظ مُسنَدٌ يُحتَجُّ به فيما علمتُ". (١٠) هو في الموطّأ (٢٨٤٧) رواية يحيى، وقد تقدم.