وقال الشّافعيُّ (١) وأبو حنيفة (٢): إنّها نجِسَةٌ (٣).
فعلى هذا إذا أخرجت من الدّهن حيّة لم ينجس، ولا يطرح منه شيءٌ. وإن ماتت فيه حينئذٍ يكون الحكمُ.
وتعلّق الذين يرون أنّها نجِسَة، بقول النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -: "إذَاَ وَقَعَتِ الفَأرَةُ في السَّمنِ " وهذا يدلُّ على نجاستها، إذ لو كانت طاهرة لما أثّر وقوعها.
فإن قيل: إنّما كان ذلك الأضمار هنالك لما قام عليه من دليل.
قُلنا: قد بيَّنَّا الدّليل على هذه المسألة في "أدلة المسائل" وأقمناه واضحًا على أنّ الحياة علّة الطّهارة، وأنّ كلّ حي طاهرٍ حتّى الخنزير، فَليُنظَرْ هنالك.
الثّانية (٥):
قد بين في حديث التّرمذيّ (٦) أنّها ماتت فيرتفع كلّ إشكالٍ.
الثّالثة (٧):
قال المفسِّرون:"ألقُوهَا وَمَا حَولَهَا" يدلُّ على أنّه جامدٌ إذ لو كان مائعًا ما كان له حول (٨).
(١) انظر الحاوي: ١٥/ ١٥٧. (٢) قال محمّد بن الحسن في كتاب الأصل: ١/ ٨٥ "قلت: أرأيت الفأرة ماتت في سمن جامد وتفسّخت فيه؟ قال: تؤخذ الفأرة وما حولها فيُرمَى به، ولا باس بأكل ما بقي والانتفاع به" وانظر مخصر الطحاوي: ٢٩٩، والمبسوط: ١/ ٩٥. (٣) علّق الحافظ ابن حجر على المؤلِّف بقوله: "وأغرب ابن العربي فحكى عن الشّافعيّ وأبي حنيفة أنّها نجسة". فتح الباري: ٩/ ٦٧٠. (٤) البقرة: ١٨٤، وانظر أحكام القرآن: ١/ ٧٨ - ٧٩. (٥) انظرها في العارضة: ٧/ ٣٠١. (٦) رقم (١٧٩٨) بلفظ " ... في سَمْنٍ فَمَاتَتْ". (٧) انظرها في العارضة: ٧/ ٣٠١. (٨) أشار ابن حجر إلى هذا التفسير ونسبه إلى ابن العربي. فتح الباري: ٩/ ٦٦٩ - ٦٧٠.