قال الإمامُ: ويحتَمِلُ أنّ يكون هذا أنَّه كان آكلًا وحده، وأَمِنَ أنّ يشغله ذلك في صلاته (١).
حديثُ ابن عبّاس (٢)، عن مَيمُونَةَ زوج النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - سُئِلَ عنِ الفأرةِ تَقَعُ في السَّمنِ، فقال:"انزِعُوهَا ومَا حَولَهَا فاطرَحُوهُ".
الإسناد:
قال الإمام: ليس في حديث مالك هذا في الفأرة أنّها ماتت، وهو محفوظٌ فيه ومعلومٌ عند الجميع (٣).
وفي قوله:"فالقوها"(٤) دليل على موتها.
وفي "التّرمذيّ"(٥): "اطرَحُوهَا (٦) وما حَولَهَا وَكُلُوهُ".
وفي "الموطّأ": "ألقُوهَا ومَا حَولهَا وَكُلُوهُ"(٧).
وقد رُوِيَ عن أبي هريرة؛ أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - قال:"إنَّ كانَ جَامدًا فأَلقُوهَا وَمَا حَولَها، وإن كان مائعًا فأريقُوهُ (٨) "(٩). وقال البخاريّ: لا يصحّ (١٠).
قال الإمام: وقول البخاريِّ صحيحٌ، وقد بيَّنَّا طرقه في "كتاب النَّيِّرين" بما فيه شفاءٌ.
(١) هذا الاحتمال مقتبس من المنتقى: ٧/ ٢٩٢. (٢) في الموطَّأ (٢٧٨٥) رواية يحيي، ورواه أبو مُصْعَب (٢٧١٤ عن مالك، عن ابن شهاب، عن عُبَيد الله، عن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - مرسلًا)، ورواه محمّد بن الحسن (٩٨٤)، وانظر التمهيد: ٩/ ٣٣. (٣) هذا السَّطر والَّذي بعده اقتبسهما المؤلِّف من الاستذكار: ٢٧/ ٢١٨. (٤) هي رواية سعيد بن أبي مريم عن مالك، كما نصّ على ذلك ابن عبد البرّ في التمهيد: ٩/ ٣٧. (٥) الحديث (١٧٩٨) وقال: "هذا حديث حسَنٌ صحيح". (٦) كذا في جميع النّسخ، ولفظ التّرمذيّ: "ألقوها" فلعلّه سهو من النّسّاخ؛ لأنّ المؤلِّف أورده صحيحًا في العارضة: ٧/ ٢٩٩. (٧) هي رواية عبد العزيز بن عبد الله عن مالك، رواها عنه البخاريّ (٥٥٤٠)، والحديث بهذا اللّفظ أخرجه الحُمَيْديّ (٣١٢) ومن طريقه البخاريّ (٥٥٣٨). (٨) الّذي في العارضة: ٧/ ٣٠٠ "فأرموه" وفي المصادر الحديثية: "فلا تقربوه" (٩) أخرجه عبد الرزّاق في مصنّفه (٢٧٨) وعنه: أحمد: ٢/ ٢٦٥، وأبو داود (٣٨٣٨). (١٠) نفل التّرمذيّ في جامعه: ٣/ ٣٩٣ عن البخاريّ أنّ هذه الطريق [أي طريق مَعْمَر عن الزّهريُّ، عن ابن المسيِّب عن أبي هريرة] خطأ، والمحفوظ رواية الزّهريُّ من طريق ميمونة.