حديث مالك (١)؛ أنّه بلغه أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - قال:"مَا مِن نَبِىٍّ إِلَّا قَدْ رَعَى الغَنَمَ". قِيلَ: وأنت يا رسولَ الله؟ قال:"وأنا".
الإسناد:
قال الإمام: هذا حديثٌ بلاغٌ، وقد خرّجه الأيمّة مسلم (٢) وغيره (٣).
الفوائد والمعاني:
الأولى (٤):
فيه ما يدلُّ على فَضلِ الغنمِ، وفَضلِ اكتسابها ورَعيها والقيام بها، تبرُّكًا بأنبياء الله صلواتُ الله عليهم، وحسبُك بما ذكره الله تعالى في كتابه عن موسى؛ قال الله العظيم:{وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي}(٥).
وهذا الحديث الّذي ذكره مالك بَلَاغٌ يسنَدُ من حديث أبي سَلَمَة، عن أبي هريرة؛ قال: مررنَا مع رسولِ الله بِثَمَرِ الأَرَاكِ، فقال:"عليكم بِأَسوَدِهِ فَإِنِّي كنت أَجتَنِيهِ إِذ كُنْتُ أَرعَى الغَنَمَ" قالوا: يا رسولَ الله، وكنت ترعى الغنم؟ قال:"نعم، وما من نبىٍّ إِلَّا وقد رَعَى الغَنَمَ"(٦).
وفي هذا الحديث إباحةُ الإخبار عن الماضين من الأنبياء، وفي قياس ذلك الإخبار عن الأُمم الماضية والقرون الخالية السّالفة، وعلم أيّام النَّاس، لقوله:{وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} الآية (٧).
(١) في الموطَّأ (٢٧٨٣) رواية يحيي، ورواه عن مالك: أبو مُصْعَب (٢٠٤٥)، وسُويد (٧٤٠). (٢) الحديث (٢٠٥٠). (٣) كالبخاريّ (٣٤٠٦) وغيره. (٤) هذه الفائدة مقتبسة من الاستذكار: ٢٧/ ٢١٣ - ٢١٤. (٥) طه: ١٧ - ١٨. (٦) أسنده ابن عبد البرّ في التمهيد: ٢٤/ ٣٤٤ - ٣٤٥ من طرق، وانظر البخاريّ (٣٤٠٦، ٥٤٥٣). (٧) آل عمران: ١٤٠.