يجوز أكلُه لم يَجُزْ قَتلُه إذا كان مقدورًا عليه، ولا يُؤكلُ حتّى يذبح أو ينحر. وكان الحسن البصري يقول: سمعتُ عثمان يقول في خطبته: اقتلوا الكلاب واذبحوا الحمام (١).
الرّابعة (٢):
اختلف العلّماءُ في قتل الكلاب:
فذهبت طائفةٌ إلى جواز قتلها، منهم مالك (٣)، إِلَّا ما كان للصَّيد والماشية والكرم والزّرع.
ومنهم من قال: هو عمومٌ يقتَلُ الجميع، وإنّما تترك هذه رخصة أرخص في اتخاذها للمنفعة، والله أعلم.
وقالت طائفة أخرى من أهل العلم: الأَّمر بقتل الكلاب منسوخٌ إِلَّا في الأسود البَهيم فإنّه يُقتَل (٤).
ومن حجَّتهم: أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - قال:"لَولَا أَنَّ الكِلَاب أُمَّةٌ مِنَ الأُممِ لأَمرتُ بِقَتلِهَا، فَاقتُلُوا مِنهُم الأسَوَدَ البَهِيمَ"(٥) لأنّه شيطان (٦)، أي: بعيدٌ من الخير والمنافع، قريب من الضّرر والأذى، وهذا شأن الشَّيطان أنّ يتعدّى الخير.
وذهب كثير من العلماء إلى ألَّا يقتل من الكلاب أسود ولا غيره، إِلَّا أنّ يكون
=الكبرى (٤٧٨٨)، وابن وهب عند الطحاوي في شرح معاني الآثار: ٤/ ٥٥. (١) أخرجه عبد الرزّاق (١٩٧٣٣) وأحمد: ١/ ٧٢، والبخاري في الأدب المفرد (١٣٠١). (٢) هذه الفائدةُ مقتبسة من الاستذكار: ٢٧/ ١٩٦ - ٢٠١. (٣) قال في العتبية: ٩/ ٣٥٤ "وسئل مالك عن قتل الكلاب، أترى أنّ تُقتَل؟ قال: نعم، ... وأمّا كلاب الماشية فلا أرى ذلك "، وانظر التمهيد: ١٤/ ٢٢٦. (٤) انظر الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار للحازمي: ١٨٩. (٥) أخرجه ابن عبد البرّ في الاستذكار: ٢٧/ ١٩٨، والتمهيد: ١٤/ ٢٣٠، والحديث رواه أحمد: ٤/ ٨٥، ٥/ ٥٤، ٥٦ - ٥٧؛ والدَّارمي (٢٠١٤)، وأبو داود (٢٨٣٨)، والتّرمذيّ (١٤٨٦)، وقال: "حديث حسن صحيح"، والنِّسائي في الكبرى (٤٧٩١)، وابن عدي في الكامل: ١/ ١٢٨، ٣/ ٢٩٦، والخطيب في تاريخه: ٣/ ٣٠٤. (٦) للحديث الشَّريف الّذي أخرجه مسلم (١٥٧٢) عن جابر بن عبد الله أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - قال: "عليكم بالأَسْوَدِ البَهِيم ذي النُّقْطَينِ فإنَّهُ شَيطَانٌ".