قوله:"إِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ الله"(٢) جاء في "الموطَّأ"(٣):" إذًا عَطَسَ فَشَمِّتْهُ" مطلقًا، وجاء هذا:"إذًا عَطَسَ فَحَمِدَ الله "مُقيَّدًا، وهو الصّحيح المجتمع عليه.
الثّانية (٤):
قوله:"فَحَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسلِمٍ يَسمعهُ أنّ يُشمِّتْهُ"(٥). وهو دليلٌ ظاهرٌ على وجوب التشميت. وقال القاضي عبد الوهّاب: هو مستحبٌ (٦). والصّحيح وجوبُه لهذا الخبر الّذي روى أنس بن مالك؛ أنّ رجلين عَطَسَا عند النَّبىِّ - صلّى الله عليه وسلم -، فَشَمَّتَ أَحَدَهُمَا ولم يُشمِّتِ الآخَرَ. فقال الْذي لم يُشَمِّتْهُ: يا رسول الله، شَمَّتَّ هذا ولم تُشمِّتنِي؟ فقال رسولُ الله: إنّه حَمِدَ الله ولم تَحْمَدَهُ أَنتَ (٧).
الثّالثة:
فإن تَكرَّرَ في المجلس الواحد، تَكَرَّرَ القولُ في الحمدِ والرَدِّ كما تقدّم. واختلفت الرّوايات فيه اختلافًا كثيرًا.
فقيل: يقال له في الثّانية: إنّك مزكومٌ (٨).
وقيل: يقال له في الثّالثة.
وقيل: في الرّابعة.
والصّحيح أنّ ذلك في الثّالثة.
(١) انظرها في العارضة: ١٠/ ١٩٩. (٢) أخرجه مسلم (٢٩٩٢) عن أبي بُرْدَةَ، بلفظ: " إذَا عَطَسَ أَحَدُكُم فَحَمِدَ اللهَ .... " الحديث. والظّاهر أنّ المؤلِّف يقصد الحديث الّذي رواه التّرمذيّ (٢٧٤١) عن أبي أيوب الأنصاري بلفظ: "إذا عَطسَ أَحَدُكُم فَلْيَقُل: الحمدُ للهِ ... " فاختصر على عادته في عارضة الأحوذي. (٣) الحديث (٢٧٦٩) رواية يحيي. (٤) انظر النّصف الأوَّل من هذه المسألة في العارضة: ١٠/ ٢٠٠. (٥) أورده بهذا اللّفظ الباجي في المنتقى: ٧/ ٢٨٦ وقال: "رواه سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة". (٦) قاله في المعونة: ٣/ ١٧٠٣، والتلقين: ١٨٩. (٧) أخرجه البخاريّ (٦٢٢٥)، ومسلم (٢٩٩١). (٨) كما رواه البخاريّ في الأدب المفرد (٩٣٥).