قولُه:"وَأَوْكُوا السِّقَاءَ": هذا وإن كان مفعولًا في الأوقات كلِّها فأوكؤه اللّيل؛ لأنّ النّهار عليه حافظ من الأَعْيُن، فأمّا اللّيل فهو مُهْمَلٌ منها، فحضَّ عليه بذلك.
وفي "كتاب مسلم"(٢) وغيره: "غَطُّوا الإِنَاءَ، فَإِنَّ في السَّنَةِ لَيْلَةً يَنْزِلُ فيها وَبَاءٌ منَ السّماءِ، لا يمرُّ بِإِناءٍ ليس عليه غطاءٌ، أو سِقَاءٍ ليس عليه وِكَاءٌ، إلّا نزل فيه ذلك الدَّاءُ (٣). قال اللَّيثُ: تزعمُ الأعاجم عندنا أنّ ذلك يكون في كانون الأوّل".
الخامسة (٤):
قولُه:"وَأَطْفِئُوا الْمصْبَاحَ " يُرْوَى في الحديث: "فإنّ النّار عدوٌّ لكم" معناه: أنّها تنافي أموالكم وأبدانكم على الإطلاق منافاة العدوِّ، ولكن تتّصل منفعتها بكم بوسائط، فَذِكْرُ العداوةِ مجازٌ لوجود معناها فيها.
السّادسة (٥):
قوله:"فَإِنَّ الفُوَيْسِقَةَ تَضْرِمُ عَلَى النَّاسِ بُيوتهُمْ" يعني: الفأرة، وسمّاها "فُوَيْسِقَة" في معْرِضِ الذَّمِّ لوجود معنى الفِسْقِ فيها، وهو الخروجُ عن الشّيء إلى غيره، وذلك في حديث جابر (٦):"فإنَّ الفُويْسِقَةَ ربّما جَرَّتِ الفتيلةَ فأَحرقتْ على النَّاس بيتَهُم (٧) " فذَكَر العلَّة (٨).
السابعة (٩):
قوله (١٠): "ولو تَعْرُضُ عليه عُودًا" يعني: اجعلوا بين الشّيطان وبينه حاجزًا، ولو من علامة تدلّ على التّغطية أو القصد إليه، وإن لم تستول بالسِّتر عليه، فإنّها كافية (١١).
(١) انظرها في العارضة: ٨/ ٣ - ٤. (٢) الحديث (٢٠١٤). (٣) عند مسلم: "الوباء". (٤) انظرها في العارضة: ٨/ ٤. (٥) انظرها في العارضة: ٨/ ٤. (٦) الّذي رواه البخاريّ (٦٢٩٥). (٧) في البخاريّ: "فأحرقت أهل البيت". (٨) انظر نفسير ابن حبيب: الورقة ١٤٨. (٩) انظرها في العارضة: ٨/ ٥. (١٠) في الحديث الّذي رواه مسلم (٢٠١٠). (١١) تتمّة الكلام كما في العارضة: " ... كافية بذكري، عاصمة بقضائي وأمري".