وحديثُ مُجَاشِع بن مسعودٍ، قال: أتيتُ النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - لأُبايِعَه على الهجرة، فقال عليه السّلام:"قَد مَضَتِ الهِجرَةُ لأَهلِهَا، وَلَكِن عَلَى الإِسلَامِ وَالجِهَادِ وَالبِرِّ وَالخَيرِ"(٣).
وحديثُ يَعلى بن أُمَيَّةَ، قال: أتيتُ النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - بأبي يومَ الفتحِ فقلتُ: يا رسول الله، بايع أبي على الهجرةِ، قال:"أبايِعُهُ على الجِهَادِ وَقَدِ انقَطَعَتِ الهِجرَةُ؟ "(٤).
وقال -عليه السّلام-: "لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتحِ وَلَكِن جِهَادٌ وَنِيَّةٌ"(٥).
حديث أبي هريرة (٦)، قال:"سَمِعتُ رَسُولَ الله - صلّى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "أُمِرْتُ بِقَريَةٍ تَأكُلُ القُرَى، يَقُولُون: يَثْرِبُ (٧)، وَهِيَ المَدِينَةُ، تَنْفِي النَّاسَ كَما يَنفِي الْكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ".
الأصول:
قال علماؤنا: في هذا الحديث دلالةٌ على أعلامِ نبوَّة نبيّنا؛ لأنّه أخبر عمّا كان قبل
(١) هذه الفائدةُ مقتبسة من الاستذكار: ٢٦/ ٢٢ - ٢٤. (٢) البيت في ديرانه: ١٦٦ (ط. ابن عاشور)، ٤٩ (ط. شكري فيصل) من قصيدة مطلعها: عَفَا ذو حَسَى من فَرتنى فالفوارعُ ... فَجَنبا أريكٍ فالتِّلاعُ الدوافعُ (٣) أخرجه البخاريّ (٢٩٦٢، ٢٩٦٣)، ومسلم (١٨٦٣). (٤) أخرجه أحمد: ٤/ ٢٢٣، والنسائي: ١: ١٤٥، وفي الكبرى (٧٧٨٢، ٨٦٩٥)، وابن حبّان (٤٨٦٤)، والطبراني في الكبير (٦٦٤، ٦٦٥)، والحاكم: ٣/ ٤٢٤، والبيهقي: ٩/ ١٦، وابن عبد البرّ في التمهد: ٢٢/ ٢٣٢. (٥) أخرجه البخاريّ (٣٠٧٧)، عن ابن عبّاس، ومسلم (١٨٦٤) عن عائشة. (٦) في الموطَّأ (٢٥٩٤) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (١٨٤٩)، وسويد بن سعيد (٦٣٤)، والقعنبي عند الجرهري (٨٠١)، وابن مهدي عند أحمد: ٢/ ٢٣٧، وعبد الله بنيوسف التنيسي عند البخاريّ (١٨٧١)، وقيبة بن سعيد عند مسلم (١٣٨٢)، وابن وهب عند الطحاوي في شرح مشكل الآثار (١٨٢٥). (٧) يقول ابن حبيب: "يعني: تسمّونها يثرب، وهي المدينة، كره أنّ تسمّى يثرب، وكذلك كانت تسمى في الجاهية، فإنهى رسولُ الله عن ذلك، وسماها المدينة" شرح غريب الصوطأ: الورقة ١٣٩.