قال مالك: السِّحرُ إذا وقع من فَاعِلِهِ فهو كفرٌ، حَسَبَ ما أخبرَ الله عنه بقوله:{فَلَا تَكْفُرْ}(١).
وقال (٢) الشّافعيُّ (٣): هو معصيةٌ، وقال: عقوبَتُه على مِقْدَارِ تأثيره.
وقال مالك: يُقتَلُ السّاحرُ كُفرًا. وتعلَّقَ مالك بظاهر القرآن، وإنَّما جعله في باب الغِيلَةِ؛ لأنّ المسحورَ لا يعلمُ بِعَمَلِ السَّاحرِ حتّى يَقَعَ فيه، وقد قال مالكٌ: إنَّ مِنَ الغِيلَةِ سَقيَ السُّمَّ، وكذلك المُرْقِدِ (٤) لأَخذِ أموالِ النَّاس، وهذا ظاهره، وقد مهّدنا أدّلته في "مسائل الخلاف".
المسألة الثّانية (٥):
قولُه (٦): "أَنَّ حَفْصَةَ قَتَلَت جَارِيَةً" ففي "الموّازية" في العبد أو المُكَاتَب يسحر سَيِّدَه يقتله السُّلطان، وليس لسَيِّدِهِ ولا لغيره قتله (٧).
ووجهه: أنّه قَتْلٌ بحقِّ اللهِ تعالى يجب على من أظهر ذلك في الإسلام، فلا يلي ذلك إِلَّا الإمام، وحكمه كقتل المُرْتَدِّ أو الزِّنديق.
المسألة الثّالثة (٨):
قال علماؤنا (٩): ولا يُقتل حتّى يثبت ذلك أنّ ما يفعله من السّحر الّذي وصفه الله تعالَى بأنّه كفر.
قال أَصْبَغُ: يَكشِفُ عن ذلك من يعرف حقيقته بذلك ويثبت ذلك عند الإمام؛ لأنّه
(١) البقرة ١٠٢، وقول مالك رواه ابن الموّاز عنه، نصّ على ذلك ابن رشد في البيان والتحصيل: ١٦/ ٤٤٣. (٢) انظر باقي المسألة في القبس: ٣/ ١٠٠٢. (٣) انظر الحاوي الكبير: ٣/ ٩٧ - ٩٨. (٤) هو دواءٌ يُرقِدُ مُتعَاطيه، كالأفيون. (٥) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٧/ ١١٧. (٦) أي قول ابن زرارة في الموطَّأ (٢٥٥٣) رواية يحيى. (٧) قاله أصْبَغُ، نصّ على ذلك الباجي. (٨) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٧/ ١١٧. (٩) المقصود هو الإمام الباجي.