قال الإمام: لم يَمْتَنِع من قتلِ الذَّكَرِ بالأنثى؛ لأنّه إنّما جاء على بيان العَدْلِ بفسادِ ما كانت تفعلُه العَرَبُ من الجَوْرِ.
وقال مالك (٣): أحسنُ شيءٍ سمعتُهُ فيها؛ أنّ الحرَّةَ تُقتَلُ بالحُرِّةِ، كما يُقْتَلُ الحُرُّ بالحُرِّ والأَمَةُ بالأمَةِ، والقصاصُ يكونُ بين الرِّجالِ والنِّساءِ الأحرارِ والعبيدِ في النَّفْسِ والطَّرفِ، بقوله:{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} الآية (٤).
نازلة (٥):
وهل يُقتَلُ الوالدُ بوَلَدِه؟
قال مالكٌ: يُقتَلُ به إذا تبيَّن قَصْدهُ إلى قَتلِه، بأَنْ أَضجَعَهُ وذبحَهُ، فإن رَمَاهُ بالسِّلاحِ أَدَبًا أو حَنَقًا، يُقتل به، ويُقتَلُ الأجنبيُّ بمِثْلِ هذا.
وخالفه سائرُ الفقهاءِ، وقالوا: لا يُقتَلُ به.
قال الإمامُ: وسمعتُ شيخنا فَخْرَ الإسلام أبا بكرٍ الشَّاشيِّ يقولُ في النَّظَرِ: لا يُقْتَل الأبُ بوَلَدِهِ؛ لأنّ الأبَ سَبَبُ وجودِهِ، فكيف يكونُ سَبَبَ عَدَمِه! وجاء بحديثٍ عن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - أنّه قال:"لَا يُقَادُ وَالِدٌ بِوَلَدِهِ"(٦) وهذا حديثٌ باطلٌ. ومتعلَّقُهم أنّ عُمَرَ قَضَى بالدِّيَة مُغَلّظَة في قاتل ابنه، ولم يُنْكِر أَحَدٌ من الصّحابة عليه، فأخذ سائرُ الفقهاءِ المسألةَ مسجَّلَةً، وقالوا: لا يُقتَلُ أَبٌ بوَلَدِه، وأخذَها مالكٌ مُفصَّلَةً.
(١) انظر القسم الأوّل منه في القبس: ٣/ ٩٨٦ - ٩٨٧، والقسم الثّاني في الأحكام: ١/ ٦٤. (٢) البقرة: ١٧٨. (٣) في الموطَّأ بنحوه (٢٥٦٠) رواية يحيى. (٤) المائدة: ٤٥. (٥) انظرها في الأحكام: ١/ ٦٤ - ٦٥. (٦) أخرجه من حديث عمر أحمد: ١/ ٢٢، وعبد بن حميد (٤١)، وابن ماجه (٢٦٦٢)، والترمذي (١٤٠٠)، والدارقطني: ٣/ ١٤١، والبيهقي: ٨/ ٧٢. وانظر نصب الراية: ٤/ ٣٤١.