ولا خلافَ فيهما لكونهما صريحين غالبين في هذا الباب وَضْعًا وعُرْفًا، ويلحق بهما قول الرَّجُل في عبده: هو لله.
والأصل في ذلك -أعني الحريّة- معانٍ: منها حديث أبي هريرة في الصّحيح حين هاجر إلى النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - مع عبده فبلغَ إليه دونه (٢)، فبينما هو مع النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - إذ طلع عليهم العبدُ، فقال النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -: "يا أبا هريرةَ، ها هو، فقال أبو هريرة: هُوَ حُرٌّ"(٣)، وفي رواية:"هو لله"(٤).
والصّحيح: أنّ قولَ القائلِ: "هو لله" ليس بصريح؛ لأنّه يحتمل وجوهًا سوى العِتْق، إِلَّا أنّ يكون في سياق الكلام ما يدلُّ عليه، ألَّا ترى أنّه لو قال الرَّجل في عبده:"هو حرٌّ" وأشار إلى حُسن خُلُقِه لَقُبِلَ منه، حيث يدلُّ البساط عليه.
وفي العِتق كنايات كما فيه صرائح، وأشبهُ شيءٍ به في ذلك الطّلاق، ومن كناياته قول القائل لعبده:"هذا ابني" واختلف العلماء في ذلك.
فقال الشّافعيّ (٥): لا يكون حرًّا وإن نَوَى العتق؛ لأنّه نيةٌ بغير لفظ.
(١) انظر كلامه في الأصول في القبس: ٣/ ٩٦١ - ٩٦٢. (٢) تتمّة الحديث كما في القبس: "وقال [أبو هريرة]: أبق منِّي". (٣) أخرجه البخاريّ (٢٥٣١). (٤) أخرجها البخاريّ (٢٥٣٢). (٥) انظر الحاوي الكبير: ١٨/ ٤.