فقال: إنِّي نَحَلتُ ابنِي هَذَا غُلَامًا كَانَ لِي، فقال له رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم -: "أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلتَهُ مِثْلَ هَذَا؟ " فقال: لا. قال:"فَارتَجِعْهُ".
الفقه في مسألتين:
المسألة الأولى (١):
استدلّ مالك وأصحابه بهذا الحديث؛ أنّ الأبَ يعتصِرُ ما وَهَبَ أو نَحَلَ ابنه ما لم ينكح الابنُ أو يُداين، ويستدلُّون في الاعتصار بهذا الحديث. وزاد البخاريُّ (٢) في هذا الحديث: "لَا أَشهَدُ على جَورِ" فدلّ هذا القول أنّ بَشيرًا كان قد مال بالنِّحْلة إلى النُّعمان دون سائر بَنِيهِ، فأمره رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - باعتصاره؛ لأنّ هِبَةَ بعض بَنِيهِ دون بعضٍ رُبَّما آل ذلك إلى أنّ يَفقِد من لم ينحله من بَنِيهِ، فَأَمرُ النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - أباه بذلك على النَّدبِ إلى التّسوية بين البَنِين، لا على أنّ هِبَةَ الرَّجُل بعض بَنِيهِ غير جائزة.
المسألة الثّانية:
وهل يجوز للرَّجُل أنّ يتصدّق بجميع ماله على وَلَدِه؟ فرُوِيَ عن مالك في ذلك قولان:
أحدهما: المنع.
والآخر: الجواز.
وقال (٣) في "العُتبِيَّة"(٤) و"الموّازية"(٥): يجوز له أنّ يتصدَّق بماله كلّه في صحَّته، وقد فعله أبو بكر رضي الله عنه.
= وابن القاسم (٣٣)، ومحمد بن الحسن (٨٠٧)، والقعنبي عند الجوهري (١٥٩)، والشّافعيّ في مسنده: ١٧٤ [على الشك بين مالك وسفيان]، والتنيسي عند البخاريّ (٢٥٨٦)، ويحيى بن يحيى النيسابوري عند مسلم (١٦٢٣)، وابن وهب عند الطحاوي في شرح معاني الآثار: ٤/ ٨٤. (١) هذه المسألة مقتبسة من تفسير الموطَّأ للبوني: ١٠٥/ ب- ١٠٦/ أ، وراجع العارضة: ٦/ ١٢٧ - ١٢٨. (٢) في صحيحه (٢٦٥٠). (٣) القائل هو الإمام مالك. (٤) ١٣/ ٣٩٤ في سماع ابن القاسم عن مالك، من كتابُ أوّلُه: باع غلامًا. (٥) نصّ على الموازية الباجي في المنتقي: ٦/ ٩٣.