وشهادة الوَالِد لولَدِه والوَلَد لوَالِدِه، قال جماعة: تبطلُ شهادةُ بعضهم لبعضٍ، وأَبطَلَ ذلك مالك (١)، والشّافعيّ (٢)، والنّخعي، وأبو حنيفة (٣)، وأحمد (٤)، وسفيان الثّوريّ.
وأجازت طائفةٌ شهادة الوَالِد للوَلَد، والوَلَد للوَالِد، بظاهر قوله تعالى:{مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ}(٥) وهو مذهب عمر بن الخطّاب، وعمر بن عبد العزيز، وإسحاق، وأبي ثور.
وأجاز إيّاس بن معاوية شهادة الرَّجُل لابنه.
وذكر الزّهريُّ قوله (٦): {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ} الآية (٧)، والصّحيح من المذهب أنّه لا يجوز ذلك لواحدٍ منهم (٨).
المسألة الثّانية: شهادة الإخوة والأخوات والقرابات بعضهم لبعضٍ
فقال مالك: لا تجوزُ شهادةُ الأخِ لأخيه في النَّسَبِ، وتجوزُ في الحقوق (٩).
وأجمع عوامّ أهل العلم أنّ شهادةَ الأخِ لأخيه جائزةٌ إذا كان عَدْلًا.
وقال أصحاب الرّأي: شهادةُ العَمِّ والخال جائزةٌ، وكذلك شهادة الرَّجل لأبيه وابنه من الرّضاعة.
فأما مالك فقال: لا تجوزُ شهادةُ الأخِ لأخيه في النَّسَبِ.
(١) في المدوّنة: ٤/ ٨٠ في شهادة ذوي القرابة بعضهم لبعض. (٢) في الأم: ١٣/ ٣٥٧ (ط. قتيبة)، وانظر الحاوي الكبير: ١٧/ ١٦٥. (٣) انظر مختصر الطحاوي: ٣٣٥. (٤) انظر المغني: ١٤/ ١٨١. (٥) البقرة: ٢٨٢، وانظر أحكام القرآن: ١/ ٢٥٤. (٦) بمعنى أنّه كان يتأول الآية الكريمة ليجيز شهادة الوالد لولده، وأخرج قوله الطّبريّ في تفسيره: ٥/ ٣٢٢. (٧) المائدة: ٨، وانظر أحكام القرآن: ٢/ ٥٨٥. (٨) وهو الّذي نصره في الأحكام: ١/ ٥٠٧ حيث قال: "والمختار عندي أنّ أصل الشّريعة لا تُجوِّز شهادة الوالد للولَد ولا الولَد للوالد لما بينهما من البعضيّة". (٩) انظر المدوّنة: ٤/ ٨٠ - ٨١ في شهادة الصديق والأخ والشريك.