قوله (٢): "طَلَّقَ امْرَأتَهُ ثَلاثًا" يحتمل أنّ يُوقعها في مرَّةٍ واحدةٍ. ويحتمل أنّ يوقعها في ثلاث مراتٍ.
وقولُه:"فَذَكَر ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم - فَنَهَاهُ" وأعلَمَهُ أنّ المانِعَ له من نِكَاحِها باقٍ، وهو ظاهر اللّفظ؛ لأنّه قد قال له:"حَتَّى تذُوقَ الْعُسَيْلَةَ" فأخبرَهُ أنّ المُحَلِّلَ إنّما هو الوطء دونَ العَقْد.
وانْفَردَ ابن المُسَيِّب بقولِهِ (٣): إنَّ عقد الثّاني يُحلُّها للأوَّلِ وإنْ لم يكن وطء. ولعلّه لم يبلغه الحديث؛ لأنّه نصٌّ في مخالفةِ قوله.
وقد رَوَى ابنُ القاسم عن مالك أنّه قال: العُسَيلَةُ فيما نَرى - والله أعلم - اللَّذَّة، ومجاوزة الخِتَان الخِتَان (٤).
المسألة الثّانية (٥):
اختلفَ النَّاسُ فيه (٦):
فجوَّزَهُ أهلُ العراقِ (٧)، ومنَعَهُ سائرُهم، وغلا فيه بعضُهم، حتَّى سمعتُ مِن علماءِ الحنفيَّةِ من يقول: إنّه قُرْبَةٌ؛ لأنّ فيه سَعَةَ ضِيْقٍ وإباحةَ تحريمٍ أَذِنَ اللهُ فيها.
(١) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى:٣/ ٢٩٨ - ٢٩٩. (٢) أي قوله في حديث الموطَّأ السابق ذكره. (٣) انظر قوله في أحكام القرآن: ١/ ١٩٨. (٤) يقول الجوهري في مسند الموطَّأ: ٥٤٠ "والعُسَيْلة: تصغير العسل، وإنّما يعني تذوقي حلاوة الجماع، وقال مالك: تغييب الحشفة". (٥) انظرها في القبس: ٢/ ٧٠٠ - ٧٠١. (٦) ذكر المؤلِّف في أحكام القرآن: ١/ ١٩٨ أنّ هذه المسألة هي من أَعْسَرِ ما مَرَّ به من مسائل الفقه. (٧) انظر مختصر اختلاف العلماء: ٢/ ٣٢٢ - ٣٢٥.