منَ الشَّهواتِ ليكون به النَّسْل، حتَّى يكمل به ما قَدَّرَهُ اللهُ من الخَلْقِ.
والإباحةُ في الشّرع على وجهين:
أحدهما: عَقْدُ النِّكاحِ.
والثّاني: مِلْكُ اليمينِ.
فلا يَحِلُّ استباحة الفَرْجِ بما عَدَا هذين الوجهين، قال اللهُ عزَّ وجلَّ:{وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} الآية (١).
وقولُه:{وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ}(٢) فإنّه (٣) خطابٌ للرِّجالِ خاصّةً، بدليل قولِهِ:{إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} الآية (٤)، ولا إباحةَ بين النِّساءِ وبين مِلْكِ اليمينِ في الفَرْجِ، وإنّما عُرِفَ حِفْظ المرأة فَرْجها من أدِلَّة، كآيات الإِحصان عمومًا وخصوصًا، وغير ذلك من الأدلَّة.
نكتةٌ (٥):
قال علماؤُنا: فَخرج من هذه الآية تحريم جميع الإنزال بالإِيلاجِ وغيرِه، وتحريم الاستمناء.
قال محمّدُ بنُ عبدِ الحَكَم: سمعتُ حرملة بن عبد العزيز، قال: سألتُ مالكًا عن الرَّجُل يَجْلِدُ عُمَيرَةَ، فَتَلَا هذه الآية:{وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ}(٦) إلى قوله: {فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ}(٧)، وهذا لأنّهم كانوا يَكنُونَ عن الذَّكَر بِعُمَيرَةَ، ويُسَمِّيهِ أهل العراق الاسْتِمْنَاء، وهو استفعال من المَنِيِّ، وفيه قول الشّاعر (٨):
(١) المؤمنون: ٥ - ٦، وانظر أحكام القرآن: ٣/ ١٣١٠. (٢) المؤمنون: ٦. (٣) انظر أحكام القرآن للشافعي: ١/ ١٩٥، وأحكام القرآن للمؤلف: ٣/ ١٣١٠ - ١٣١١، والجامع لأحكام القرآن: ١٢/ ١٠٥. (٤) المؤمنون: ٦. (٥) انظرها في أحكام القرآن: ٣/ ١٣١٠. (٦) المؤمنون: ٥. (٧) المؤمنون: ٧. (٨) البيت التالي ورد غير منسوب عند الجاحظ في الحيوان: ٥/ ١٧٩، والراغب في المحاضرات: ٢/ ٢٧٨.