ويعضده قولُه تعالى:{أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ}(١) فصيدُ البحرِ ما صِيدَ وتكلّفَ أَخْذُه، وطعامُهُ ما طَفَا عليه.
ومنَ العلماء من خصَّصَهُ في السَّمكِ خاصَّةَ، ورَأَى أكلَ مَيتَيه، ومنعَ مِن أَكلِ الجرادِ إِلَّا بذكاةٍ، قاله مالك.
قال القاضي - رضي الله عنه -: وليس في الجرادِ حديث يُعَوَّلُ عليه في أكلِ المَيْتَةِ. وأكلُ الجرادِ جائزٌ بالإجماعِ، وفيه أخبارٌ منها: حديث ابن أبي أوفى: "غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ سَبعَ غَزَوَاتٍ نَأكُلُ الْجَرَادَ مَعَهُ"(٢).
ؤرَؤى سَلمَان (٣) أنّ رسولَ اللهِ قال: الجَرَادُ أَكثَرُ جُندِ اللهِ، لَا آكُلُهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ" (٤) وهو من صَيدِ البرِّ.
وسُئلَ الفِهْرِيُّ (٨) بالمسجد الأقص عن مسألةٍ، فقيل له: إذا خرج باغيًا أو معتدِّيًا فوجدَ المَيْتَةَ، أيأكلُ أم يموتُ؟ فقال: بل يموتُ ولا يأكلُ. وهذا غير تحقيق نَظَرٍ منه.
قال القاضي عبد الوهّاب: إنَّ أرادَ أنْ يأكلَ فَليَتُب، فإذا تابَ ارتفعت عنه سِمَةُ البغي والعُدوان، ودخلَ تحت قولِهِ:{إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ}(٩).
(١) المائدة: ٩٦. (٢) أخرجه البخاريّ (٣٤٩٥)، ومسلم (١٩٥٢). (٣) أخرجه أبو داود (٣٨١٣ع)، وابن ماجه (٣٢١٩)، والطبراني في الكبير (٦١٢٩، ٦١٤٩)، والبيهقي (١٨٧٧٣)، والخطيب في تاريخ بغداد: ١٤/ ٧٢. (٤) علّق عليه في الأحكام: ١/ ٥٣ بقوله: "ولم يصحّ، بيد أنّ الخلفاء أكلته". انظر تاريخ ابن معين برواية الدوري: ٤/ ٢٦٨، وعلل الحديث لابن أبي حاتم: ٢/ ٨. (٥) انظره في القبس: ٤/ ٦٢٧. (٦) الأنعام: ١١٩. (٧) الأنعام: ١٤٥. (٨) هو الإمام أبو بكر الطرطوشي. (٩) الانعام: ١١٩. وانظر المعونة: ٢/ ٧٠٨، والإشراف: ٢/ ٩٢٢ (ط. ابن حزم).