وارتدَّتِ العربُ فمنعتِ الزَّكَاةَ، فقال له عمرُ وسِواه: اقنَعْ منهم بالصّلاة حتّى يَتَمَهَّدَ الإسلامُ.
فقال أبو بكر: والله لَوْ منعوني عِقَالًا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم - لَجَاهَدْتُهُمْ عَلَيهِ (٥).
وقيل له: أَمسِك جَيشَ أُسَامَة تستعينُ به على قتالِ أهل الرَّدَّة، فقال: وَاللهِ لَوْ لَعِبَتِ الكِلَابُ بِخَلَاخِلِ نِسَاءِ أَهلِ المَدِينَةِ مَا رَدَدْتُ جَيْشًا أَنْفَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلّى الله عليه وسلم -. فقال له عمرُ: وَمَعَ مَنْ تُقَاتِلُهُم؟ قال له:"وَحْدِي حَتَّى تَنْفَرِدَ سَالِفَتي"(٦) فكان هذا أصلًا في إِنفاذِ الحَاكِمِ حُكمَ غيرهِ وإن رأى النَّاسُ خلافَهُ.
(١) آل عمران: ١٤٤. (٢) أخرجه البخاريّ (١٢٤١ - ١٢٤٢)، وانظر: (٣٦٦٧، ٣٦٦٩). (٣) أخرجه أحمد: ١/ ٢٠٦ (ط. الرسالة) بلفظ "لن يقبر نبيُّ ... " وقال شعيب الأرناؤوط: "حديث قويٌّ بِطُرُقه، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه". (٤) رواه البخاريّ (٢٧٦٢)، ومسلم (١٧٥٩). (٥) أخرجه البخاريّ (٦٩٢٥)، ومسلم (٢٠). (٦) ذكره السيوطيّ في جمع الجوامع (مسند أبي بكر: ٥٥) وعزاه إلى البيهقي، وحسّنه. ومعنى تنفرد سالفتي: أي يفرق بين رأسي وجسدي. وقال الداودي: "المراد: الموت، أي حتّى أموت وأبقى =