ظَنَّ بعضُ النَّاسِ (٢) أنّ بقاء الغزو مع البرّ والفاجر إلى يوم القيامة يخرج من هذا الحديث بقوله: "وَأَنْتِ مِنَ الأَوَّلِينَ" بعد قولها بعد ذكر الطّائفتين: "ادْعُ الله يَا رَسُولَ اللهِ أنّ يَجْعَلنِي مِنْهُمْ" في مرّتين، فقال لها أخيرَا:"أَنْتِ مِنَ الأَوَّلين".
ويحتمل أنّ يكون المراد بالطّائفة الثّانية غير الأولى، بقوله - صلّى الله عليه وسلم -: "نَاسٌ من أُمَّتِي" وذلك يقتضي العموم، ولا للاحتمال.
وفيه: جواز ركوب البحر في الأسفار المباحة، وهو صحيح لعموم قوله:{هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} الآية (٣).
حديث مالك (٤)، عن يحيى بن سعيد, قال: لما كان يوم أحدٍ، قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: " مَنْ يَأتِيِنِي بِخَبَرِ سَعْدِ بْنِ الرَّبيعِ الأَنْصَارِيَّ؟ " فقال رجلٌ: أنا يا رسولَ الله، فذهب الرَّجلُ يطوفُ بين القتلى، فقال له سعدُ بنُ الربيع: ما شانُكَ؟ فقال له الرَّجلُ: بعثني إليك رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - لآتِيَهُ بخَبرِكَ. قال: فاذهَت إليه فأَقْرِأهُ منَّي السّلامَ، وأَخبِره أني قد طُعِنْتُ اثنتَيْ
(١) عبارة المؤلِّف في العارضة: ٧/ ١٥٠ هي: "ظنّ بعضهم أنّ لقاء العدوِّ مع البرّ والفاجر إلى يوم القيامة مخرّج من هذا الحديث لقوله: "ولست من الآخرين" ويحتمل أنّ يكون المراد بالآخرين هاهنا الطبقة الثّانية لا غير، ولا يدخل فيه الآخرون إلى يوم الدّين، لقوله:"ناس من أمّتي" ولم يذكرها بلفظ يقتضى العموم، ولا بلفظ يحتمله". (٢) الظّاهر أنّه يقصد الإمام ابن عبد البرّ، فهو الذى قال فى الاستذكار: ٢٨٨/ ١٤، ونحوه في التمهيد: ١/ ٢٣٤ "وفيه: أنّ الجهاد راية كلُّ إمام عادل أو جائر ماضٍ إلى يوم القيامة؛ لأنّه قد رأى الآخرين ملوكًا على الاسرّة كما رأى الاولين، ولا نهاية للآخرين إلى قيام السّاعة". (٣) يونس: ٢٢. (٤) في الموطَّأ (١٣٣٨) رواية بحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (٩٦٢)، ومعن بن عيسى عند طبقات ابن سعد: ٣/ ٥٢٣ - ٥٢٤.