أحدهما: أنّ يستطيع المسلمون أنّ يخرجوها ويتموّلوها فلا تعْقَر إِلَّا لحاجةٍ.
ويحتمل أنّ يريد بالعَقْر الذَّبح والنَّحر، فيقول: لا يسرع بذبحها ولا نحرها إِلَّا لحاجتهم إلى أكلها، فأمّا على وجه الفساد، أو على وجه التَّموُّل والإخراج للبيع إلى بلاد المسلمين فلا.
والضرب الثّاني: أنّ يعجز المسلمون عن إخراجها، فإنّها تقتل، وهو الّذي عَنَى مالك بقوله المرويّ عنه في "الموازية" قال: ولا بأس أنّ يعقر غنمهم وبقرهم (١).
وأمّا ابن وهب، فحَمَلَهُ على عمومه، فقال: لا يجوز قتل شيء من الحيوان إِلَّا لِمَأكَلَةٍ (٢).
المسألة العاشرة (٣):
وأمّا دوابّهم، فإنّها تُعقَر إذا عجزوا عن إخراجها, ولم يختلف في ذلك علماؤنا (٤) غير ابن وهب، وبه قال أبو حنيفة.
والشّافعيّ قال: لا يجوز عقرها (٥)، وبه قال ابن وهب من أصحابنا, ولكن تُخَلَّى.
ودَليلُنا: أنّ هذه الأموال باقية لهم، فجاز إتلافها عليهم كالزّروع القائمة والشّجر المثمر.
واختلف علماؤنا (٦) في صفة العقر:
فقال المصريّون: تُعَرْقَبُ وتُذْبَحُ (٧) أو يُجْهَز عليها.
(١) ذكره ابن أي زيد فى النوادر والزيادات: ٧٠ نقلًا من الموازية. (٢) حكاه ابن أبي زيد فى النوادر والزيادات: ٦٩. (٣) اقتبس المؤلِّف هذه المسألة من المنتقي: ٣/ ١٧٠ بتصرُّف. (٤) حكى هذا الاتّفاق ابن أبي زيد في النّوادر والزِّيادات: ٦٨، فقال: "واتفقّ مالك وأصحابه على عقر دوابهم إنَّ لم يجدوا النّفوذ بها". (٥) الأم: ٩: ٣٦٨. (٦) أورد ابن أبي زيد في نوادره: ٦٩ هذه الأقوال نقلًا من كتاب ابن حبيب. (٧) وهو المروىّ عن الإمام مالك في المدونة: ١/ ٣٩٩، وانظر العتبية: ٣/ ٤٥، وتهذيب البراذعي: الورقة ٥١.