اختلف العلماء في السّعي بين الصّفا والمروة هل هو واجبٌ فرضٌ أو هو تطوُّعٌ وسُنَّة؟
فقال مالك (٢): يرجع (٣) إليه متى ما ذكر، وهو واجبٌ (٤).
المسألة الرّابعة:
أجمعتِ الأُمَّةُ على الابتداء بالصّفا في السَّعي، وليس الابتداء بالصفا ممّا يخرج من هذا الحديث (٥) الّذي قال النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - فيه:"نَبْدَأُ بِمَا بدأَ اللَّهُ بِهِ"؛ لأنّ الحديث فيه ستّة أقوال:
القول الأوّل: قال أبو حنيفة (٦) والشَّافعيّ (٧) بهذا الحديث.
ووجه من قال لا دليل فيه؛ لأنّه خبرٌ والخبر لا دليلَ فيه، لأنّه لا يفهم منه الوجوب ولا غيره.
الثّاني: أنّ الصَّحابة سَأَلت: بما نبدأ؟ ولو دلّ على التّرتيب لم تَجْهَلْه الصّحابة.
الثَّالث: الابتداءُ بالصّفا لا بدَّ له من فائدة، وهو وجه تقديمه في اللفظ لا على طريق الوجوب، بل له مزيد فائدة، لئلا يخلو الابتداء من الفائدة.
الرَّابع: أنّ الأُمَّة أجمعت على الابتداء بالصّفا، فأمَّا الوضوء فلم يعينه إلّا الفعل، روى (٨) عليّ بن زياد عن مالك وجوب التّرْتيب (٩)، وبه قال الشّافعي (١٠).
الخاص: أنّ النَّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - ابتدأ بالصّفا إجماعًا.
(١) هذه المسألة مقتبسة من الاستذكار: ١٢/ ٢٠١. (٢) في المدوّنة: ١/ ٣١٨ في القراءة وإنشاد الشعر والحديث في الطّواف. (٣) قبل هذا ورد في الاستذكار قول مالك: "من جهل فلم يسع بين الصّفا والمروة، أو أُفْتِيَ بأن ذلك ليس عليه، فذكر وطاف البيت ثمّ خرج إلى بلاده، فإنّه يرجع ... ". (٤) الّذي في الاستذكار: "قال مالك: ذلك أحبّ إليَّ". (٥) الّذي رواه مالك في الموطَّأ (١٠٨٩) رواية يحيى. (٦) انظر مختصر الطحاوي: ٦٣، والمبسوط: ٤/ ٥٠. (٧) انظر البيان للعمراني: ٤/ ٣٠٤. (٨) في الأصل: "رواه" ولعلّ الصواب ما أثبتناه. (٩) ذكر هذه الرِّواية ابن عبد البرّ في الاستذكار: ٢/ ٥٦، واختلاف أقوال مالك وأصحابه: ٤٥. (١٠) في الأم: ٢/ ٦٥ (ط. فوزي).