قال:"إنَّ النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - قَرَنَ الحجّ والعمرة، يقول: اعتمر أربع عمر، وكذلك يقول أنس (١).
وقاله (٢): "وعمرة الحُدَيبيَة" فعدّها عمرة (٣) يقتضي أنّها عنده تامّة، وإن كان صُدَّ عن البيت فلا قضاءَ على من صُدَّ عن البيت بِعَدُوِّ.
وقال أبو حنيفة: عليه القضاء (٤).
ودليلنا: إجماع الصّحابة على الاعتداد بها (٥)، فلو كانت غير تامّة، وكانت عمرة القضيّة قضاءً لها، لما عدّت عمرة الحُدَيْبِيَة.
وقوله (٦): "عام القضيّة" يريد الّتي قاضي النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - كفّار قريش عليها، وكانت
في ذي القعدة، ولذلك جعل مالك ترجمة هذا الباب "العمرةُ في أشهُرِ الحجِّ".
وقوله (٧): "وعمرة الجغرَانة" يريد عمرته الّتي اعتمر من الجعْرَانةَ منصرفه من حُنَين (٨).
المسألة الثَّانية (٩):
قوله (١٠): "لم يعتمر إِلَّا ثلاثًا" إنكارٌ لما قال ابن عمر (١١) وأنس؛ أنَّه اعتمر أربعًا.
فأمّا ابن عمر، فإنّه أضاف إلى الثّلاثة عمرة في رَجَب، فأنكرت ذلك عائشة، وقالت: لم يعتمر قَطُّ في رَجَبٍ (١٢).
(١) أخرجه البخاريّ (١٧٧٨)، ومسلم (١٢٥٣). (٢) أي قول مالك فيما بلغه. (٣) "عمرة" زيادة في المنتقي يقتضيها السِّياق. (٤) انظر مختصر الطّحاوي: ٧١، والمبسوط: ٤/ ١٠٩. (٥) أي بعمرة الحديببة. (٦) أي قول مالك بلاغًا في الموطَّأ (٩٧١) رواية يحيي. (٧) أي قول مالك فيما بلغه. (٨) غ: "خيبر". (٩) هذه المسألةُ مقتبسة من المنتقي: ٢/ ٢٢٥. (١٠) أي قول عروة في حديث الموطَّأ (٩٧٢) رواية يحيى، وجاء في هامش نسخة جـ ما يلي: "قول مالك: عن هشام بن عروة، عن أبيه؛ أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - قلنا: وهذا هو سند مالك في الحديث المشروح. (١١) غ، جـ: "ابن عبّاس" وهو تصحيف، والمثبت من المنتقي. (١٢) أخرجه البخاريّ (١٧٧٦)، ومسلم (١٢٥٥) وانظر جزء فيه استدراك أمّ المؤمنين عائشة على الصّحابة =