وقال النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - في يوم الجمعة:"هذا يومٌ جَعَلَهُ اللهُ عِيدًا"(١) وقال: "هذا عيدُنَا يا أهلَ الإِسلامِ"(٢) وقال: "إنّ هذا يومٌ جَعَلَهُ اللهُ عِيدًا". وفي الصّحيح أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - قال:"لا تَخُصُّوا ليلةَ الجُمُعَة بقيامٍ ولا يومه بصيامٍ"(٣).
وما ذَكَرَهُ مالك إنّه حسنٌ. وذَكرَ بعضُ النّاس أنّ الّذي كان يصومُه ويتحراه محمّد بن المنكدر.
قال الرّاوي: لم يبلغ مالكًا هذا الحديث ولو بلغه لم يخالفه.
وأمّا تحديده يومَ عيد فكره صومه، أصله الفطر والأَضْحَى، وغمزَ الدّارقُطْنيّ الحديث، وِقال: قد ورد مَوْقُوفًا. واعْلَمُوا أنّ وُرُودَ الحديثِ تارَةً موقوفًا وتارةً مُسْنَدًا فإنّه ليس بغَمْزٍ فيه، فإنّ الرَّاوِي قد يُخْبِر عن نفسه بما سمع من نَبِيِّه - صلّى الله عليه وسلم -. والحديثُ صحيحٌ لا إشكالَ فيه، ولا معدلَ لأحدٍ عنه. وأمّا غير ذلك من الأقوال فلا يُلْتَفَتُ إليها.
المسألة الحادية عشرة (٤): صيام يوم السبت
قال الإمام: لم يصحّ الحديث فيه، ولو صحَّ لكان معناهُ مخالفة أهل الكتاب، وأمّا يوم الشَّكِّ فقد تقدَّمَ النّهي عنه.
المسألة الثّانية عشرة (٥): صيام الدَّهْرِ
وهي مسألةٌ خلافيةٌ، فكره ذلك قَوْمٌ لقوله:"لا صامَ مَنْ صَامَ الأَبَدَ"(٦).
وقال قوم: هو جائزٌ، لقوله حمزة بن عمرو الأَسْلَمِيّ: يا رسولَ الله، إنِّي رَجُلٌ أَسْرُدُ الصِّيَامَ (٧). فلم ينكر عليه، ولو كان ممنوعًا لما أَقَرَّهُ عليه.
الجواب عنه من أَوْجُهٍ:
الأوّل: يحتمل أنّ يكون قوله: "لا صام من صَامَ الأَبَد" على الدُّعاء.
(١) أخرجه مالك في الموطّأ (١٧٠) رواية يحيى. (٢) أخرجه أحمد: ٢/ ٣٠٣ من حديث أبي هريرة مرفوعًا. (٣) أخرجه مسلم (١١٤٤) من حديث أبي هريرة. (٤) انظرها في القبس: ٢/ ٥١٤. (٥) انظرها في القبس: ٢/ ٥١٤. (٦) أخرجه البخاريّ (١٩٧٧)، ومسلم (١١٥٩) من حديث عبد الله بن عمرو. (٧) أخرجه البخاريّ (١٩٤٢)، ومسلم (١١٢١).