والدّليلُ على صِحَّةِ القول الأوّل: أنّ فطرَهُ وُجِدَ قبل سبب الإباحة فوجبت عليه الكفّارة، كما لو أفطر قبل ذلك بِيَوْمٍ.
المسألة الثّالثة (١):
فإنْ خرجَ بعد الفَجْرِ بعد أَنْ نَوَى الصّوم، فالمشهورُ من مذهبِ مالكٌ أنّه لا يجوز له الفِطْر (٢).
والدّليل على ما نقوله: قوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}(٣) وهذا أَمْرٌ مقتضاه الوُجوب.
المسألة الرّابعة (٤):
فإنْ أفطر، فهل عليه الكفّارة أم لا؟
ذهب مالكٌ إلى أنَّه لا كفَّارةَ عليه (٥)، وبه قال أبو حنيفة (٦).
وقال المُغِيرَة، وابن كنانة: عليه الكفّارة (٧)، وبه قال الشّافعيّ.
المسألة الخامسة:
من قدم من سفره فوجد امرأته النّصرانية طاهرة، هل له وَطْؤُها إذا كان مُفْطِرًا؟ ففي ذلك قولان: يطأ، ولا يطأ.
ووجه من قال يطأ: أنّها مُفْطِرَةٌ مثله، فجاز له وَطْؤُها.
ووجه من قال أنّه لا يطؤها: بناء على أنَّها مُخَاطَبَةٌ بفروع الشّريعة، فكأنّها صائمةٌ، وهذا ضعيفٌ جدًّا.
(١) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٢/ ٥١. (٢) تمام الكلام كما في المنتقى: "وبه قال أبو حنيفة والشّافعيّ، وقال القاضي أبو الحسن [ابن القصار] أنّ ذلك على الكراهية، وقال ابن حبيب يجوز له الفطر، وبه قال المزني وأحمد وإسحاق". (٣) البقرة: ١٨٧. (٤) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٢/ ٥١. (٥) ووجه قول الإمام مالك -فيما ذكر الباجي في المنتقى- أنّه معنى لو قارن أوّل الصّوم لأسقط الكفّارة، فإذا طرأ بعد انعقاد الصّوم أبطل حكم الكفّارة كالمرض. (٦) انظر مختصر الطحاوي: ٥٤، ومختصر اختلاف العلّماء: ٢/ ٢٣، والمبسوط: ٣/ ٧٦. (٧) ووجه رواية المغيرة -فيما ذكر الباجي في المنتقى- بأنّ هذا فطر عمد صادف صومًا قبل السّفر، فلم يبطل السّفر الكفّارة، أصل ذلك إذا أنطر قبل السّفر.