والثّاني: أنّ منِ افتتحَ صلاةً (١) في سفينةٍ حَضَرِيَّة (٢)، ثمّ انبعثت به السَّفينة في أثناء الصّلاة فتوجهت إلى السَّفَر؛ أنّه يتمّ صلاةً حضريَّةً.
الفقه في ستّ مسائل:
المسألة الأولى (٣):
اختلف النّاس في الصّوم في السَّفَرِ على ثلاثة أقوال:
الأوّل - قال الشّافعيُّ (٤): الفِطْرُ أفضل في السَّفَر.
الثّاني - قال مالك: الصَّومُ أفضل إِلَّا عند لقاء العدوِّ، ولا خلاف فيه بينهم.
الثّالث: يُحْكَى عن قومٍ من الظّاهريّة الّذين (٥) لا تقوم بهم حُجَّة، أنّهم قالوا: الصَّوْمُ في السَّفَر لا يجوزُ (٦)، وأنّ من صام لا يجزئه، وهم أقلّ خلفًا، وقولهم أعظم خَرْقَا في الدِّين وفَتْقًا، وقد قال تعالى:{وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} الآية (٧)، وهذا نصٌّ.
فإن قيل: فقد قال تعالى بعد ذلك: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}(٨) فأوجب العدَّةَ على المُسَافِرِ مُطْلَقًا من غير اعتبار فِطْر أو صومٍ، وقال - صلّى الله عليه وسلم - في قوم صاموا في السَّفَر:"أُوْلَئِكَ الْعُصَاةُ"(٩) وقال أيضًا: "لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصَّوْمُ في السَّفَرِ"(١٠) أو: "في صِيَامِ (١١) رَمَضَانَ".
(١) غ: "الصّلاة". (٢) غ: "حضرته". (٣) انظرها في القبس: ٢/ ٤٩٢ - ٤٩٤. (٤) في الأم: ٤/ ٣٦٩. (٥) غ، جـ: "الّذي" ولعلّ الصواب ما أثبتناه. (٦) انظر المحلَّى لابن حزم: ٦/ ٢٤٧. (٧) البقرة: ١٨٤، وانظر أحكام القرآن: ١/ ٨٠. (٨) البقرة: ١٨٥. (٩) أخرجه مسلم (١١١٤) من حديث جابر. (١٠) أخرجه البخاريّ (١٩٤٦)، ومسلم (١١١٥) من حديث جابر بن عبد الله. (١١) جـ:"صوم". (١٢) جـ: "الكلام فيه في أحد قسمين".