قوله:"في سَائِمَةِ الْغَنَمِ الزَّكَاةُ" فجاء خاصًّا، فهلا قلت: يحمل العمومُ على قومه والخاصُّ على خصوصه، وهذا لا معنى له، وقد وصف النبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - الّذين تجبُ عليهم بالإِسلام، فينبغي أنّ يرجع الوصف إلى جميعه، وليسا بنازلتين (١) وإنّما هي قصّةٌ واحدةٌ وكلامٌ واحدٌ استوفى في روايةٍ ونقص في رواية، وقد رَوَى الدارقطني (٢) قال: "فَرَضَ رَسُولُ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم - صَدَقَةَ الْفِطْرِ عَلَى كُلِّ مُسْلْمٍ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ" وذكر الحديث.
المسألة الخامسة (٣):
قوله:"ذَكَر أَوْ أُنْثَى" فوجب ذلك على الزَّوْجِ، وهل يرجع ذلك إلى الزَّوجِ بأن يؤدِّيها (٤) عنها، قال مالكٌ والشّافعيّ، وقد رُوِيَ عنه أنّه قال: لا يؤدِّيها الزَّوج عنها، وبه قال أبو حنيفة.
والمسألةُ مُشكِلَةٌ جدًّا، فإنَّ الحديثَ لم أَرَ من يدخل إليه من بابه، ولا من فقهه بتحقيقه (٥)، فإنّ رسولَ الله - صلّى الله عليه وسلم - فرضَ زكاة الفِطْرِ على كلِّ حُرٍّ وعبدٍ، ذَكَرٍ وأنثى، صغيرٍ وكبيرٍ، فجعلَها مفروضة على هؤلاء، فبأيِّ دليلٍ تخرج (٦) زكاة الفِطْر عنهم، وكلُّ واحدٍ منهم مفروض عليه.
فإن قيل: بقوله: "أَدُّوا زكَاةَ الْفِطْرِ عَمَّنْ (٧) تمونونَ"(٨).
قلنا: قد رَوَى الدّارقطني عن عليّ (٩) وابن عمر (١٠) أنّه ذكر زكاة الفِطْرِ وذكر الحديث وقال في آخره: "عَمَّنْ تَعُولُونَ (١١) أَوْ تمونونَ" ولم يصحّ ذلك مُسْنَدًا (١٢).
(١) غ، جـ: "يرجع إلى الوصف ولسنا ندلس" والمثبت من العارضة. (٢) في سننه: ٢/ ١٤٠ من حديث ابن عمر. (٣) انظرها في عارضة الأحوذي: ٣/ ١٨٣ - ١٨٥. (٤) في العارضة: "يحملها". (٥) في العارضة: "ولا من يفهمه من حقيقته". (٦) في العارضة: "يخرج النّاس". (٧) في المصادر الحديثية: "ممّن". (٨) أخرجه الدّارقطني: ٢/ ١٤١، والبيهقي: ٤/ ١٦١ من طريق الضّحّاك بن عثمان، نافع، عن ابن عمر. (٩) في سننه: ٢/ ١٤٠. (١٠) في سننه: ٢/ ١٤١ وقال في عقبه: "رفعه القاسم وليس بقوي، والصواب موقوف". (١١) لم نجد هذا اللفظ في سنن الدارقطني. (١٢) يقول ابن حجر في تلخيص الحبير: ٢/ ١٨٣ "حديث عليّ، وفي إسناده ضعفٌ وإرسالٌ".