قوله:"إنّ فلان بن فلان في ذَمَّتِكَ" والذِّمَةُ والذِّمام واحدٌ، وإنّما جعلوه في ذِمَّتِه لأنّهم كانوا يرونه يصلِّي الصُّبح، وقد قال النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم -: "مَنْ صَلَّى الصُّبح لَمْ يَزَلْ في ذِمَّةِ اللهِ حَتَّى يُمْسِي"(٢) أو بشهادة الإيمان الّتي يشهدون له بها في قوله: "مَنْ قَالَ لَا إِلهَ إِلا الله وصلَّى صَلَاتَنَا وَأَكَلَ ذَبِيحتَنَا" الحديث: "فَلَهُ ذِمَّةُ الْمُسْلِمِ" وفي حديث آخر: "ذِمَّةُ اللهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ"(٣).
الفائدةُ الرّابعة:
قوله:"وَقِهِ عَذَابَ النَّارِ" وقال: "فِتْنَةَ الْقَبْرِ" وهذا سبيلٌ لابدّ لكلِّ ميِّتٍ منه، فللمُؤمِنِ النَّجاة، وللكافر الهَلَكَة، وللمُذْنِبِ المشيئَة، وقد تقدّم تحقيق عذاب القبر في صلاة الكسوف، فلينظر هنالك.
الفائدةُ الخامسة (٤):
قوله:"وَأَنْتَ أَهْلُ الوَفَاءِ" يعني بالميعاد (٥)، ولذلك معان كثيرة:
أولها: الوَفَاءُ لمن مات على التّوحيد لا يعذبه البارئ؛ لأنّه أهل الوفاء ولَمَّا قال (٦): إنّ الوفاءَ هو التّوحيد.
وقد قال المفسِّرون في قوله:{وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى}(٧) قيل: التّوحيد والجزَاء الأَوْفَى هو الإثابة على التّوحيد والنّجاة من النّار، والوفاء للشَّافِعِينَ فيه من المُصَلِّين، وشهادتهم له بالإيمان، على ما بيَّنَّاهُ في حديث عمر الصّحيح، قولُ النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -: "مَنْ شَهِدَ لَهُ أَرْبَعَةٌ بِخَيْرٍ أَدْخَلَهُ اللهُ الْجَنَّةَ"، قُلْنَا: وَثَلاَثَة؟ قَالَ:"وَثَلاَثَة"، قُلنَا: وَاثْنَانِ؟ قَالَ:"وَاثنَانِ"، وَلَمْ نَسأَلْهُ عَنِ الوَاحِدِ (٨).
(١) انظرها في العارضة: ٤/ ٢٤٣ - ٢٤٤. (٢) أخرجه بنحوه مسلم (٦٥٧) من حديث سمرة بن جندب. (٣) أخرجه البخاريّ (٣٩١) من حديث أنس. (٤) انظر مقدمة هذه المسألة في العارضة: ٤/ ٣٤٤. (٥) في العارضة: "بالمعاد". (٦) جـ: "قيل". (٧) النجم: ٣٧. (٨) أخرجه البخاريّ (١٣٦٨).