قوله (٤): "أُمِرْتُ بالسُّجُودِ" مخصوصٌ في الظّاهر. واختلف العلماءُ فيما فُرِضَ على النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - من ذلك، هل تدخل معه الأُمَّةُ فيه؟
فقيل: تدخل.
وقيل: لا تدخل إلّا بدليلٍ، وهو الأَصَّحُّ.
وقيل: إذا خُوطِبَ النّبيُّ بأَمْرٍ ونَهْيٍ فالمرادُ به الأُمَّة مَعَهُ، وهذا أيضًا لا يثبت إلَّا بدليلٍ.
والدَّليلُ على تَوَجُّه ذلك علينا: إجماع الأُمَّة على وجوب السُّجودِ على هذه الأعضاء، ولعلّ ذلك أيضًا مأخوذٌ من قوله:"صَلُّوا كما رأيتموني أُصَلِّي"(٥) أو مِن دليلٍ آخر سِوَاهُ، ولا دليل (٦) أَعْلَمُهُ في الأعضاء السَّبعة، إلَّا الوجه، فإن فيه عُضْوَيْنِ يلصقان بالأرض: الجبهة والأَنْفُ.
واختلف علماؤنا في وجوبِ السُّجودِ عليهما على ثلاثة أقوال:
القولُ الأوّل: أنّ يسجد عليهما جميعًا، يعضدُه قولُه:"الوَجْه" في حديث ابن عبّاس، وقوله في الصّحيح:"الجبهة"، وأشار بيده إلى (٧) أنفه، فدخلت الجبهةُ في الوجه (٨) باللَّفظِ. والأنفُ با لاشارة.
وقال ابن حبيب -وهو الثّاني (٩) -: سقط وجوب (١٠) السّجود عن الأَنْفِ؛ لأنّ
(١) انظرها في العارضة: ٢/ ٧١. (٢) انظر غريب الحديث لأبي عُبَيْد: ١/ ٢٤. (٣) انظر كلامه في الأصول في العارضة: ٢/ ٧١ - ٧٣. (٤) هذه الرِّواية الّتي ساقها المؤلِّف هي رواية الدارمي (١٣١٨) من حديث ابن عبّاس. (٥) أخرجه البخاريّ (٦٣١)، ومسلم (٦٧٤) من حديث مالكٌ بن أنس. (٦) في العارضة: "ولا خلاف". (٧) غ، ج، والعارضة: "على". (٨) في العارضة: "الوجوب". (٩) "وهو الثّاني" زيادة من العارضة. (١٠) "وجوب" زيادة من العارضة.