• وأخرج البيهقي (١) عن زيد بن أسلم عن أبيه: "أنَّ عمرَ بن الخطاب - رضي الله عنه - توضأ من ماءٍ في جرة نصرانية"، وهو أثر صحيح، وقد صححه النووي (٢).
• وكذلك أكلُ المشركين من طعام المسلمين، فقد جاءت وفودٌ كثيرةٌ إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيدخلُهم مسجدَه، ويطعمُهم بأواني المسلمين، ولم يثبتْ عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر بتطهير الأواني لأكلِ المشركينَ بها، ولم يُنْقَلْ عن السلفِ الصالح - رضي الله عنهم - توقِّي رطوبات الكفارِ، كما ثبت في الصحيحين (٣): أنه - صلى الله عليه وسلم - "ثُمَامةَ بن أُثَالٍ" المشرك بسارية المسجد.
والخلاصةُ: قد دلت الآيةُ والأحاديثُ والآثارُ على طهارة الآدميِّ الكافر، وبالتالي طهارةُ سؤرِه سواءٌ كان جنبًا أو حائضًا أو نفساء.
٣ - سؤرُ ما يؤكلُ لحمُه طاهرٌ:
سؤر ما يؤكل لحمه طاهرٌ؛ لأن لعابَهُ متولِّدٌ من لحم طاهرٍ، فأخذَ حُكْمَهُ، وقال ابن المنذر (٤): "وأجمعوا على أن سُؤْرَ ما أُكِلَ لحمُه طاهرٌ، ويجوز شُرْبُهُ والوضوءُ به".
وقال ابن رُشْدٍ (٥): "اتفق العلماءُ على طهارة أسآرِ المسلمين، وبهيمةِ الأنعامِ واختلفوا فيما عدا ذلك اختلافًا كثيرًا" اهـ.
• عن عمرو بن خارجة - رضي الله عنه - قال:"خَطَبَنَا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بمنىً، وهو على راحلتهِ ولعابُها يسيلُ على كتفي"، وهو حديث صحيح لغيره (٦).
٤ - سؤر ما لا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ:
أ - سؤرُ الهِرَّةِ طَاهرٌ:
لحديث كبشةً بنت كعب بن مالك وكانت تحت ابن أبي قتادةَ: أنَّ أبا قتادةَ دَخلَ عليها
(١) في "السنن الكبرى" (١/ ٣٢). (٢) في "المجموع" (١/ ٢٦٣). (٣) البخاري رقم (٤٣٧٢)، ومسلم رقم (١٧٦٤). (٤) في كتابه "الإجماع"، ص (٣٤) رقم (١٢). (٥) في "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" (١/ ٧٩). (٦) أخرجه أحمد (٤/ ١٨٦ - ١٨٧، ٢٣٨، ٢٣٩)، والترمذي (٤/ ٤٣٤ رقم ٢١٢١)، وابن ماجه (٢/ ٩٠٥ رقم ٢٧١٢)، والنسائي (٦/ ٢٤٧)، والطيالسي (ص ١٦٩ رقم ١٢١٧)، والدارمي (١/ ٤١٩)، وغيرهم. قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وقال الألباني في الإرواء (٦/ ٨٨ - ٨٩): "لعل تصحيح الترمذي من أجل شواهدِه الكثيرة، وإلَّا فإنَّ شهرَ بن حوشب ضعيف لسوءِ حفظه".