• قلت: لقد اتضح من حديث عائشة، وأثرِ عبد الرحمن بن عبد القاريِّ أن صلاةَ القيام في رمضانَ مشروعةٌ، وصلاتُها جماعةً مشروعةٌ، وإنما ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - الحضور في الليلة الرابعة، مخافةَ أن تُفْرَضَ على المسلمين، فلما انقطع الوحي بموت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُمِنَ ما خافَ منه الرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن العلَّةَ تدور مع المعلوم وجودًا وَعَدَمًا، فبقيتِ السنةُ للجماعة لزوال العارض، فجاء عمر - رضي الله عنه - وأمر بصلاتها جماعةً؛ إحياء للسنة التي شرعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبهذا تعلم أنَّ مفهوم البدعة لا ينطبقُ على فعل عمر - رضي الله عنه -.
ويقول ابن تيمية - رحمه الله -: أكثر ما في هذا تسميةُ عمرَ تلك بدعة، مع حُسْنِها، وهذه تسمية لغويةٌ، لا تسمية شرعيةٌ (١).
[١٧ - قضاء قيام الليل]
عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "من نَامَ عن حزبه من الليلِ، أو عن شيء منه فقرأهُ ما بينَ صلاة الفجر، وصلاة الظهر، كُتِبَ لَهُ كأنّما قرأ منَ الليل"، وهو حديث صحيح (٢).
وعن عائشة - رضي الله عنها -: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا فاتتْهُ الصلاةُ من الليل من وجَعٍ أو غيره، صلّى من النهارِ اثنتي عشرةَ ركعةً"، وهو حديث صحيح (٣).
١٨ - يكرهُ تركُ قيام الليل لمن اعتاده:
عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا عبدَ الله لا تكن مثلَ فلان، كان يقومُ الليلَ فتركَ قيامَ الليلِ"، وهو حديث صحيح (٤).
١٩ - صلاةً الضحى: صلاةُ الأوابينَ:
[أ - دليل مشر وعيتها]
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: أوصاني خليلي - صلى الله عليه وسلم - بثلاث: بصيام ثلاثةِ أيامٍ في كُل شَهْرٍ، وركْعَتَي الضُّحَى، وأن أوتِرَ قبل أن أنام، وهو حديث صحيح (٥).
(١) انظر: كتاب "اقتضاء الصراط المستقيم" لابن تيمية ص (٢٧٥ - ٢٧٧) ط: دار المعرفة. (٢) أخرجه مسلم رقم (١٤٢/ ٧٤٧)، وأبو داود رقم (١٣١٣)، والترمذي رقم (٥٨١)، وابن ماجه رقم (١٣٤٣)، والنسائي (٣/ ٢٥٩ رقم ١٧٩٠). (٣) أخرجه مسلم رقم (١٤٠/ ٧٤٦)، والترمذي رقم (٤٤٥)، وقال: "حديث حسن صحيح"، والنسائي رقم (١٧٨٩). (٤) أخرجه البخاري رقم (١١٥٢)، ومسلم رقم (١٨٥/ ١١٥٩). (٥) أخرجه أحمد (٢/ ٢٥٨)، والبخاري رقم (١٩٨١)، ومسلم رقم (٧٢١).