وعن شعبة عن يحيى بن يزيد الهنائي قال:
سألتُ أنسًا - رضي الله عنه - عن قصر الصلاةِ فقال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج مسيرةَ ثلاثةِ أميالٍ، أو ثلاثةِ فراسخَ، صلَّى ركعتين، (شعبة الشاكُّ)، وهو حديث صحيح.
قال المحدث الألباني - رحمه الله - في "الصحيحة" (١/ ٣٠٧، ٣٠٨):
"يدل هذا الحديثُ على أن المسافر إذا سافر مسافة ثلاثة فراسخَ (والفرسخُ نحوُ ثماني كيلومترات) جاز له القصرُ. وقد قال الخطابي في "معالم السن" (٢/ ٤٩): "إن ثبتَ الحديث؛ كانتِ الثلاثة الفراسخ حدًّا فيما يقصرُ إليه الصلاةُ، إلَّا أني لا أعرف أحدًا من الفقهاء يقول به".
وفي هذا الكلام نظر من وجوه:
الأول: أن الحديث ثابت، وحسبك أن مسلمًا أخرجه ولم يضعفه غيره.
الثاني: أنه لا يضرُّ الحديثَ، ولا يمنعُ العملَ به عدمُ العلم بمن قال به من الفقهاء، لأن عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود.
الثالث: أنه قال به راويه أنس بن مالك - رضي الله عنه - وأفتى به يحيى بن يزيد الهنائي راويه عنه كما تقدم .. "اهـ.
قال الحافظ (١):
"وهو أصحُّ حديث ورد في ذلك وأخرجُهُ، وقد حمله مَن خالفه على أن المراد المسافةُ التي يبتدأ منها القصرُ لا غايةُ السفرِ، ولا يخفى بُعْدُ هذا الحمل .. " اهـ.
٣ - من أقام لقضاء حاجته، ولم يُجمعْ إقامته يقصرُ إلى عشرين يومًا:
لحديث جابر - رضي الله عنه - قال: أقامَ النبي - صلى الله عليه وسلم - بتبوكَ عشرين يومًا يقصر الصلاةَ وهو حديث صحيح (٢).
وإذا عزم الإقامة أتمَّ بعد تسعةَ عشر يومًا.
لحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: لما فتحَ النبي - صلى الله عليه وسلم - مكةَ؛ أقام فيها تسعَ عشرةَ يُصلِّي
(١) في "الفتح" (٢/ ٥٦٧ - ٥٦٨).
(٢) أخرجه أحمد (٣/ ٢٩٥)، وأبو داود رقم (١٢٣٥).