بهم النارُ يوم القيامة، ومنهم:"رجلٌ تعلمَ العلم وعلَّمَهُ، وقرأ القرآن، فأتي به فعرَّفَهُ نعَمهُ فعرفها، قال: فما عَملتَ فيها؟ قال: تعَلمتُ العلم وعلمتهُ، وقرأت فيكَ القرآنَ، قَال: كذبت، ولكنك تعلمتَ العلمَ ليقالَ عالمٌ، وقرأتَ القرآنَ ليقالَ هو قارئٌ، فقد قيلَ، ثم أمر به فسحب على وجههِ حتىَ أُلقي في النَّارِ"(١).
وقد ذكر لنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - صورة مخيفةً من صور يوم القيامة لمن خالف عملُه علْمَهُ.
فعن أبي وائل قال: قال أسامة - رضي الله عنه -: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"يُجاءُ بالرجل يومَ القيامة فَيُلقى في النار، فتندلق أقتابُهُ في النار، فيدورُ كما يدورُ الحمارُ برحاه، فيجتمعُ أهلُ النار عليه فيقولون: أي فلانُ، ما شأنك؟ أليسَ كنتَ تأمرنا بالمعروف، وتنهانا عن المنكر؟ قال: كنتُ آمرُكم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكر وآتيهِ"(٢).
وعن لقمانَ - يعني: ابن عامر - قال: كان أبو الدرداء - رضي الله عنه - يقول:"إنما أخشى من ربِّي يومَ القيامة أن يدعوني على رؤوس الخَلائق فيقول لي: يا عُويمر! - اسمه - فأقول: لبيك ربِّ، فيقول: ما عَمِلتَ فيما عَلِمتَ"(٣).
وقال بعضهم (٤):
اعملْ بعلمِكَ تغنمْ أيُّها الرجلُ … لا ينفعُ العلمُ إن لم يَحسُنِ العملُ
والعلمُ زينٌ وتقوى الله زينتُهُ … والمتقونَ لهم في علمهم شُغُلُ
وَحُجَّةُ الله يا ذا العلمِ بالغةٌ … لا المكرُ ينفعُ فيها لَا ولا الحيلُ
تعلَّمِ العلمَ واعمل ما استطعتَ به … لا يُلْهينَّكَ عنهُ اللَّهُو والجدَلُ
وقد أوجب الله على المسلمين اتباعَ الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيما يأمرُ وينهى، فقال تعالى:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}[الحشر: ٧].
(١) وهو حديث صحيح: أخرجه مسلم (٣/ ١٥١٣ رقم ١٩٠٥) من حديث أبي هريرة. (٢) وهو حديث صحيح: أخرجه البخاري رقيم (٣٢٦٧)، ومسلم رقم (٢٩٨٩). (٣) وهو أثر صحيح أخرجه البيهقي في "الشُّعَب" رقم (١٨٥٢) والدارميُّ (١/ ٨٢)، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (٢/ ٢ و ٣) وابن المبارك في الزهد رقم (٣٩). (٤) في كتاب: "اقتضاء العلم العمل" للخطيب البغدادي، تحقيق: المحدث العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله - ص (١٧٤).